إثبات صفة الحقو لله عزوجل والوَصل والقطع
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ
مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ،
قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ
أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ،
قَالَ: فَذَاكِ ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}
[محمد: 22]. رواه
البخاري (4830).
والحقو: في « النهاية »(1/417): الْأَصْلُ فِي الحَقْوِ مَعْقِد الإزَار، وجَمْعه أَحْقٍ وأَحْقَاء، ثُمَّ سُمِّي بِهِ الْإِزَارُ للمُجاورة.
فَمِنَ الْأَصْلِ حَدِيثُ صِلَةِ الرَّحم، ثم ذكر هذا الحديث.
قلت: ومن إطلاق الحقو على الإزار ما ثبت:
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا - أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ - فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي»، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ، فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» تَعْنِي إِزَارَهُ. رواه البخاري(1253)، ومسلم (939).
وحديث أبي هريرة فيه من الفوائد:
- صفة الحقو لله.
والحقو من الصفات الذاتية؛ لأن الله عزوجل لم يزل ولا يزال متصفًا بها.
- صفة الكلام لله عزوجل.
- وصل الله عزوجل لمن يصل رحمه.
- قَطْع الله لمن قطع رحمه.
نؤمن بذلك كلِّه، مع اعتقادنا أن هذا لا يشبه صفات المخلوقين، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
وهذه الثلاث الصفات من الصفات الفعلية؛ لأنها تتعلق بمشيئة الله.