جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2021

(80)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

  🔻 الدرس العشرون من دروس آيات الحج من آية[ 49 الى 51] 🔻

﴿قُل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُم نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾إلى قوله:﴿أُولئِكَ أَصحابُ الجَحِيمِ (51)﴾

﴿قُل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُم نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ قال ابن كثير:يقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ طَلَبَ مِنهُ الكَفَّارُ وُقُوعَ العَذَابِ وَاستَعجَلُوهُ بِهِ:﴿قُل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُم نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أَي إِنَّمَا أَرسَلَنِي اللَّهُ إِلَيكُم ﴿نَذِيرًا لَكُم،بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾،وَلَيسَ إِلَيَّ مِن حِسَابِكُم مِن شَيءٍ،أَمرُكُم إِلَى اللَّهِ إِن شَاءَ عَجَّلَ لَكُمُ العَذَابَ،وَإِن شَاءَ أَخَّرَهُ عَنكُم.اهـ.

﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ قال ابن كثير:أَي:آمَنَت قُلُوبُهُم وَصَدَقُوا إِيمَانَهُم بِأَعمَالِهِم.اهـ.

﴿لَهُم مَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَرِيمٌ﴾ قال ابن كثير:أَي مَغفِرَةٌ لِمَا سَلَفَ مِن سَيِّئَاتِهِم،وَمُجَازَاةٌ حَسَنَةٌ عَلَى القَلِيلِ من حسناتهم.قَالَ مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ القُرَظِيُّ:إِذَا سَمِعتَ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:﴿وَرِزقٌ كَرِيمٌ﴾ فَهُوَ الجَنَّةُ.اهـ.

﴿وَالَّذِينَ سَعَوا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ:يُثَبِّطُونَ النَّاسَ عَن مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم..وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ:مُعَاجِزِينَ مُرَاغِمِينَ.اهـ.

وقال الفراء معناها:معاندين،وهذا القول والذي قبله مراغمين كلاهما بمعنى،يراجع «فتح الباري».

﴿أُولئِكَ أَصحابُ الجَحِيمِ﴾ قال ابن كثير:وَهِيَ النَّارُ الحَارَّةُ المُوجِعَةُ،الشَّدِيدُ عَذَابُهَا وَنَكَالُهَا،أَجَارَنَا اللَّهُ مِنهَا.

· من الفوائد:

-وصفُ النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نذير.نذير للكفار ينذرهم عذاب الله ويخوفهم عقابه،ومبشر للمؤمنين يبشرهم بالخير،بالجنة.

فهذا حال سَير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الدعوة،ولما أرسل مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى اليَمَنِ قَالَ:«يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا،وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا،وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَختَلِفَا» رواه البخاري (3038)،ومسلم (1733).

وهكذا على الداعي والداعية إلى الله الحكمة في الدعوة إلى الله،فإن البشارة بالخير والترغيب يجذب النفوس،ويحبب إليها الدين.

-البشارة للمؤمنين أهل العمل الصالح بمغفرة ذنوبهم والجنة.

-أن الجنة رزق من أرزاق الله العظيمة ﴿ ذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ ﴾[التوبة]،تلك الجنة التي لا نصب فيها ولا تعب ﴿لَا يَمَسُّهُم فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِنهَا بِمُخرَجِينَ﴾[الحجر:48 ]،وروى مسلم( 2807) عَن أَنَسِ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،الحديث وفيه:«وَيُؤتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤسًا فِي الدُّنيَا،مِن أَهلِ الجَنَّةِ،فَيُصبَغُ صَبغَةً فِي الجَنَّةِ،فَيُقَالُ لَهُ:يَا ابنَ آدَمَ هَل رَأَيتَ بُؤسًا قَطُّ؟ هَل مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ:لَا،وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤسٌ قَطُّ،وَلَا رَأَيتُ شِدَّةً قَطُّ».

فمن رزقه الله الجنة فقد فاز،قال الله:﴿ فَمَن زُحزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فَازَ﴾[آل عمران:185].حياة لا تعب فيها ولا مرض ولا خصام ولا خلاف ولا هرم ولا موت،روى مسلم( 2837) عَن أَبِي سَعِيدٍ،وَأَبِي هُرَيرَةَ،قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:« يُنَادِي مُنَادٍ:إِنَّ لَكُم أَن تَصِحُّوا فَلَا تَسقَمُوا أَبَدًا،وَإِنَّ لَكُم أَن تَحيَوا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا،وَإِنَّ لَكُم أَن تَشِبُّوا فَلَا تَهرَمُوا أَبَدًا،وَإِنَّ لَكُم أَن تَنعَمُوا فَلَا تَبأَسُوا أَبَدًا».فَذَلِكَ قَولُهُ عز وجل:﴿وَنُودُوا أَن تِلكُمُ الجَنَّةُ أُورِثتُمُوهَا بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ﴾ [الأعراف:43].

نعيم دائم لا ينقطع ﴿ لَا مَقطُوعَةٍ وَلَا مَمنُوعَةٍ﴾[الواقعة:33 ].

 قلوب أهلِها طاهرة ليس فيها غل ولا شحناء،﴿وَنَزَعنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِن غِلٍّ إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾[الحجر:47 ].

 النساء في غاية الراحة يتقلَّبن في نعيم الجنة،قلوب طاهرة،ولا حيض،ولا نفاس،ولا غَيرة-هذه التي حطَّمت حياة المرأة-،قال تعالى:﴿ وَلَهُم فِيهَا أَزوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُم فِيهَا خَالِدُونَ (25)﴾[البقرة].

 والفوارق كثيرة بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة،فتلك الحياة حياة دائمة،وهي الحياة الحقيقية ﴿ وَمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا إِلَّا لَهوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوَانُ﴾ [العنكبوت].وأما دار الدنيا فهي دار فناء وزوال.

-وفيه عذاب الكفار،وأنهم أهل الجحيم،أهل النار،يحترقون فيها،أجسامهم تلتهب وجلودهم وعظامهم بالنار،﴿ جَزَاءً وِفَاقًا﴾[النبأ:26]،ونعوذ بالله من النار.