جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 26 يوليو 2021

(77) سِلْسَلَةُ المَسَائِلِ النِّسَائِيَّة

 

حكم المرأة يعلِّمها الرجل  بدون حجاب بينهم

سُئِل والدي رحمه الله: المعروف أن الشباب في عدن وحضرموت يقومون بتدريس النساء في المساجد وبدون حجاب بينهم، فهل هذا جائز مع الدليل وجزاكم الله خيرًا ؟

إذا أُمنت الفتنة في مسألة الوعظ والإرشاد، أما التدريس فمع طول المَدَى لا تؤمن الفتنة، في مسألة الوعظ والإرشاد إذا أُمنت الفتنة فلا بأس أن يذهب الشخص ويعظ النساء، يذهب إذا أمن على نفسه وأمن عليهن من الفتنة.

أما مسألة التدريس فربما مع طول الوقت يتجرأْنَ على الأسئلة، وربما الشيطان يستزله، فالشخص يقوى إيمانه ويضعف.

أما الدليل على الجواز هو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ذهب في يوم عيد يعظ النساء ومعه جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس وبلال بن أبي رباح، فإذا أمنت الفتنة فلا بأس بذلك. مسألة التدريس الذي ننصح إخواننا به أن يأخذوا مكبرًا للصوت، وأن يكون من وراء حجاب حتى لا يحدُثَ فتنة، وحتى يحافظ على سلامة القلوب، فإن الله عز وجل يقول في نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ اللَّاتي هن أطهر من نسائنا، ويقول في الصحابة الذين هم أطهر منا قلوبًا: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ [الأحزاب :53 ويقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ»، وبقية الآية الشاهد فيها وهو: ﴿ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾، فإذا كان هذا في نساء النبي وفي الصحابة، فنحن من باب أولى أن يكون من وراء حجاب، والتعليم من وراء حجاب، حتى لا يفتن الرجل بالمرأة أو تفتن المرأة بالرجل. النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كما في «صحيح مسلم» رأى امرأة ثم دخل بيته ثم أتى امرأته ثم خرج فقال: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ امْرَأَةً تعْجبه، فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ مَعَهَا مِثْلَ الَّذِي مَعَهَا».

والنظر، ربما يأتي بعد النظر ما لا تحمد عقباه، ولقد أحسن من قال:

كلُّ الحوادثِ مبدأُها من النظر...ومُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِرِ

كْم نظرةٍ فعلتْ في قلب صاحبها... فِعْلَ السهامِ بلا قوسٍ ولا وتـرِ

يَسرُّ مُقلَتَهُ ما ضرَّ مُهجَـتَهُ... لا مرحبًا بسُرورِ جاء بالضـررِ

وربما يكون رجل صالحًا وتكون امرأة صالحة ويُعرَّضان للفتنة، والله المستعان.

وهذا إخواني في الله حدث للرهبان وللقساوسة وللصوفية، نعم الرهبان والقساوسة والصوفية ربما يقول: أنا أريد أن أفعل خيرًا ويعلِّم هذه المرأة، وينتهي به الحال إلى ما لا تحمد عقباه، وربما يقول الصوفي أو القساوسة: أنا أريد أن أستصحب هذا الصبي من أجل أن أعلمه الدين، وبعدها يفضي به الحال إلى ارتكاب الفاحشة، فينبغي للمسلم أن يبتعد عن هذا، والله المستعان.

[ش/ آداب وأحكام العيد لوالدي الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله]