بارك الله فيكم، عندي سؤال
حديث: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة"
هل المرأة إذا صلت في بيتها وحدها ما تيسر لها يكتب لها قيام ليلة؟ أم أن هذا خاص بالصلاة مع الإمام؟
وكيف يجمع بين هذا وحديث "أفضل صلاة المرأة في بيتها"؟
وجزاكم الله خيرًا..
نص الحديث : عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ». رواه أبوداود(1375).
الصحابة من حرصهم رضي الله عنهم على قيام الليل قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ. أي: زدتنا في القيام على النصف إلى آخر الليل. قال السندي في حاشية «سنن النسائي»(3/83): وَالْمرَاد لَو قُمْت بِنَا هَذِه اللَّيْلَة بِتَمَامِهَا.
قال ابن خزيمة في «صحيحه»(3/340): فيه دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَارِئَ وَالْأُمِّيَّ إِذَا قَامَا مَعَ الْإِمَامِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَتِهِ، وَكَتْبُ قِيَامِ لَيْلَةٍ، أَفْضَلُ مِنْ كَتْبِ قِيَامِ بَعْضِ اللَّيْلِ.
وقال البيهقي في «شعب الإيمان»(4/535): هَذَا تَأْكِيدٌ لِفَضِيلَةِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ فِي الْجَمَاعَةِ. اهـ.
فاستفدنا: الحث على صلاة التراوايح في جماعة مع صلاة العشاء؛ لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ».
ويبقى كيف نعمل مع حثِّ الرجل على صلاة النوافل في بيته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ» رواه البخاري(731) عن زيد بن ثابت.
ومع حث المرأة على الصلاة في بيتها الفريضة والنافلة. أخرج أبوداود في سننه (570)عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا».
ولقوله صلى الله عليه وسلم:«وبيوتهن خيرٌ لهن» رواه أبو داود.
وهذا أجاب عنه العلامة الألباني رحمه الله، كما في «جامع فقه الألباني»(2/267)، وقال: فهنا يقال: -وهنا بيت القصيد أيضًا- كما يقال: هذا الحديث: «فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» نقول: هذا تعميم إلا إذا وُجِدَ عارض، هذا العارض في كثير من الأحيان يكون سببًا لتعديل -وما أقول: تغيير - الحكم الشرعي، مثلاً: معلوم لدى الجميع أن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من الصلاة في المسجد، مع ذلك نحن نشاهد في السُّنَّة أن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يُؤْثِرن الصلاة في المسجد، فكيف هذا؟
الجواب: أن القاعدة هو: «وبيوتهن خير لهن» لكن إذا كان في المسجد فائدة علمية وعظية تربوية لا تتمكن المرأة من تحصيلها وهي تصلي ولا تخرج من عقر دارها، حينئذٍ يصبح المفضول فاضلًا والفاضل مفضولًا، واضح إلى هنا.
صلاة التراويح كذلك، إذا كان هناك جماعة من المسلمين يُصَلُّون القيام في رمضان في المسجد، وكانت المرأة لا تشعر بفضيلة ليالي رمضان بل تشعر بوحشة، لأنه ما فيها حولها جماعة دينية وجماعة صالحين يقيمون الصلاة التي تتخصص في ليالي رمضان بها، بل تشعر بأن حياتها التي يمكن أن نسميها اليوم بالحياة الروحية تسْمُوا هناك في المسجد مع جماعة المسلمين؛ فتكون صلاتها في المسجد حينذاك أفضل من صلاتها في بيتها، وبخاصة أن الرسول عليه السلام قد كان ذكر حديثًا معناه: «أن من صلى صلاة العشاء مع جماعة أو مع الإمام ثم قام فصلى مع الإمام وانصرف مع الإمام، إذا انصرف الإمام كُتِبَ له قيامُ ليلة».
إذًا: فهنا في فضيلة خاصة خلاصتها: صلاة الجماعة في هذه الصلاة التي أحياها الرسول ثلاث ليالي، فيه فضيلة خاصة تساوي قيام الليل، ولذلك كُنَّ النساء في عهد الرسول عليه السلام وفي العهود التي تلت ذلك العهد وبخاصة في عهد عمر، فقد كن النساء يحضرن القيام في المسجد.
فإذًا: قوله عليه السلام: «فصلوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» هذا هو النظام العام، وتبقى كل السنن هو الأفضل أن تُصَلَّى في البيت، إلا إذا قام دليل يضطرنا أن نقول بخلاف ما اقتضاه هذا الحديث، وفيما كان فيه من السنن الرواتب لا يوجد أي دليل يُفَضّل أيَّ سنة من السنن من سنن الصلوات الخمس أن تصلى في المسجد وإنما العكس هو التمام. اهـ.