بسم الله الرحمن الرحيم
❖❖❖❖❖❖
الأسئلة
السؤال: هل للمرأة النفاس التي انتهت عدتها من وفاة زوجها بوضع الحمل أن تتزوج قبل أن تطهر؟
الجواب: إذا وضعت المرأة حملها ولو بسويعات أو دقائق بعد وفاة زوجها، فإنه يحل لها أن تتزوج غيره، ولكن لا يجوز له أن يقربها حتى تطهر، قال تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].
وروى البخاري (3991)، ومسلم (1484) عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ: يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا، وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ. فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ، تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ «فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي».
وفي رواية مسلم: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ-وهو: الزهري رَحِمَهُ الله-: «فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ».
وهذا يخصص قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234]. وقد كان والدي الشيخ مقبل رحمه الله يفيدنا بمضمون هذا، وأنها لها أن تتزوج، غير أن زوجها لا يقربها حتى تطهر.
واستفدنا من هذا: أن المرأة تنتهي عدتها بوضع الحمل، وسواء كانت العدة من وفاة الزوج أو من طلاق، فعدة المرأة تنتهي في الحالتين بوضع الحمل ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾.
ثم الكلام على مسألة انتهاء عدة المرأة من وفاة زوجها بوضع حملها يجر إلى مسألة أخرى: أنها إذا وضعت حملها فليس لها أن تغسله ولا تلمسه؛ لأنها صارت أجنبية.
قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله في «الشرح الممتع»(5/268) عن مسألة: لو مات زوج عن زوجته الحامل، ثم وضعت الحمل قبل أن يغسل فهل لها تغسيله؟
الجواب: ليس لها ذلك؛ لأنها بانت منه، حيث إنها انقضت عدتها قبل أن يغسل، فصارت أجنبية منه. اهـ.
أما إذا كانت المرأة في العدة فيجوز لها أن تغسل زوجها المتوفى عنها وهذا باتفاق العلماء، وعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تقول: «لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا غَسَلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ» رواه أبو داود (3141).
قال ابن المنذر رَحِمَهُ الله في «الأوسط» (5/334): أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَغْسِلَ زَوْجَهَا إِذَا مَاتَ.
وقد ذكر النووي رحمه الله في «المجموع شرح المهذب» (5/131) إلى متى تغسل المرأة زوجها؟ وذكر ثلاثة أوجه في المسألة أنها: تغسله أبدًا. (وَالثَّانِي) لَهَا غُسْلُهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا؛ لِأَنَّهَا بِالزَّوَاجِ صَارَتْ صَالِحَةً لِغُسْلِ الثَّانِي لَوْ مَاتَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَاسِلَةً لِزَوْجَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، (وَالثَّالِثُ) لَهَا غُسْلُهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تَنْقَطِعُ عَلَائِقُ النِّكَاحِ. اهـ.
وهذا القول الثالث هو الصواب أن من انتهت عدتها فليس لها أن تقوم بتغسيل زوجها.
❖❖❖❖❖❖