جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 10 ديسمبر 2020

(77)الإجابةُ عن الأسئلةِ

 بسم الله الرحمن الرحيم

❖❖❖❖❖❖

أسئلة

السؤال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: «فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ». هل معناه من رضي بالقضاء والقدر يرضى الله عنه؟

الجواب: الحديث رواه الترمذي (2396) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ».

ومعنى ذلك كما في «فتح المجيد» ص(367): هو أن يسلم العبد أمره إلى الله، ويحسن الظن به، ويرغب في ثوابه، وقد يجد لذلك راحة وانبساطًا؛ محبة لله وثقة به. اهـ.

«وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» قال ابن الأثير في «النهاية»(2/ 350) : السُّخْطُ: الكَراهيةُ لِلشَّيْءِ وعدُم الرِضا بِهِ. اهـ.

وهذا الحديث: قد يستدل به على وجوب الرضا، وهو اختيار ابن عقيل. واختار القاضي عدم الوجوب، ورجحه شيخ الإسلام وابن القيم. كما في «فتح المجيد».

 وقال الشيخ ابن عثيمين في «مجموع الفتاوى» (2/ 92): أما الرضا بالقدر فهو واجب؛ لأنه من تمام الرضا بربوبية الله، فيجب على كل مؤمن أن يرضى بقضاء الله، ولكن المقضي هو الذي فيه التفصيل، فالمقضي غير القضاء؛ لأن القضاء فعل الله، والمقضي مفعول الله، فالقضاء الذي هو فعل الله يجب أن نرضى به، ولا يجوز أبدا أن نسخطه بأي حال من الأحوال.

وأما المقضي فعلى أقسام:

القسم الأول: ما يجب الرضا به.

القسم الثاني: ما يحرم الرضا به.

القسم الثالث: ما يستحب الرضا به.

فمثلًا: المعاصي من مقضيات الله، ويحرم الرضا بالمعاصي، وإن كانت واقعة بقضاء الله، فمن نظر إلى المعاصي من حيث القضاء الذي هو فعل الله يجب أن يرضى، وأن يقول: إن الله تعالى حكيم، ولولا أن حكمته اقتضت هذا ما وقع، وأما من حيث المقضي وهو معصية الله فيجب ألا ترضى به، والواجب أن تسعى لإزالة هذه المعصية منك أو من غيرك.

وقسم من المقضي يجب الرضا به مثل: الواجب شرعًا؛ لأن الله حكم به كونًا، وحكم به شرعًا، فيجب الرضا به من حيث القضاء ومن حيث المقضي.

وقسم ثالث: يستحب الرضا به، ويجب الصبر عليه، وهو ما يقع من المصائب، فما يقع من المصائب يستحب الرضا به عند أكثر أهل العلم ولا يجب، لكن يجب الصبر عليه، والفرق بين الصبر والرضا: أن الصبر يكون الإنسان فيه كارهًا للواقع، لكنه لا يأتي بما يخالف الشرع وينافي الصبر.

والرضا: لا يكون كارهًا للواقع فيكون ما وقع، وما لم يقع عنده سواء، فهذا هو الفرق بين الرضا والصبر؛ ولهذا قال الجمهور: إن الصبر واجب، والرضا مستحب. اهـ.

وذكر ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» ص(488) الفرق بين الرضا والصبر بنحو كلام الشيخ ابن عثيمين، فقال: الصَّبْرُ: كَفُّ النَّفْسِ وَحَبْسُهَا عَنِ التَّسَخُّطِ مَعَ وُجُودِ الْأَلَمِ، وَتَمَنِّي زَوَالِ ذَلِكَ، وَكَفُّ الْجَوَارِحِ عَنِ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الْجَزَعِ، وَالرِّضَا: انْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَسَعَتُهُ بِالْقَضَاءِ، وَتَرْكُ تَمَنِّي زَوَالِ ذَلِكَ الْمُؤْلِمِ، وَإِنْ وُجِدَ الْإِحْسَاسُ بِالْأَلَمِ، لَكِنَّ الرِّضَا يُخَفِّفُهُ لِمَا يُبَاشِرُ الْقَلْبَ مِنْ رُوحِ الْيَقِينِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَإِذَا قَوِيَ الرِّضَا، فَقَدْ يُزِيلُ الْإِحْسَاسَ بِالْأَلَمِ بِالْكُلِّيَّةِ. اهـ.

نسأل الله أن يرزقنا الرضا بالقضاء.

وقد كان من أدعية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كما في حديث فضالة بن عبيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر في وجهك، والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة» رواه الإمام أحمد بن عمرو الشهير بابن أبي عاصم في «السنة» (427وهو في «الصحيح المسند» (1058) لوالدي رَحِمَهُ الله، والله المستعان.

❖❖❖❖❖❖

السؤال: بارك الله فيك يوجد في عبارةٍ لكِ: (إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا هيَّأَ له الوقت)، هل يجوز قول الله يهيئ؟ لأنه بالنسبة لي كمن يهيئ البيت لاستقبال الضيوف، أقصد أن التهيئة تتطلب وقتا وجهدا لتحقيق المرغوب، عندي شك في الكلمة، والله أعلم؟

الجواب: جزاك الله خيرًا على استفسارك القيم، وجعلنا ربي وإياك ممن مَنَّ عليهم بالعقيدة الصحيحة والثبات على الدين الحق.

وكم يسعدني هذه الأسئلة المفيدة التي تدل على حرص السائلة على الخير، ومعرفة الصواب، والفقه في أمور دينها، وما يقربها من ربها عز وجل.

الله عز وجل يقول عن أصحاب الكهف: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) [الكهف].

ومعنى ﴿وَهَيِّئْ أي: يسِّر، يقال: هيأ الأمر أصلحه ويسره.

قال ابن جرير في تفسير هذه الآية (17/ 605): وقالوا: يسر لنا بما نبتغي وما نلتمس من رضاك والهرب من الكفر بك، ومن عبادة الأوثان التي يدعونا إليها قومنا، ﴿رَشَدا يقول: سدادا إلى العمل بالذي تحبّ. اهـ.

 وإذا ثبتت الصفة فعلينا الإيمان بها من غير تحريف، ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تمثيل، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) [الشورى].