جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 9 ديسمبر 2020

(76)الإجابةُ عن الأسئلةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

❖❖❖❖❖❖

أسئلة

السؤال: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم عن حديث النفس: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» رواه البخاري (5269)، ومسلم (127).

ما معنى حديث النفس؟

الجواب: حديث النفس: وساوسه وأفكاره، والمراد هنا من عدمِ المؤاخذة: ما يطرأ من خواطر النفس من غير أن يتمكن ويستقر، هذا لا يضر، مثل: الوسواس في ذات الله عز وجل، وحصول الشك، أو في قدرة الله. إذا نفر منه ولم يتمكن في القلب فهذا لا يضر، أو حدثته نفسه برياء، أو كبر، أو عُجبٍ، أو غِيبة. . . فدافع ونفر منه ولم يستقر في قلبه هذا لا يضر.

قال النووي في «الاذكار» ص(345): فأما الخواطر، وحديث النفس، إذا لم يستقرَّ ويستمرّ عليه صاحبُه فمعفوٌ عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيارَ له في وقوعه، ولا طريقَ له إلى الانفكاك عنه.

وهذا هو المراد بما ثبتَ في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي ما حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها ما لَمْ تَتَكَلَّم بِهِ أوْ تَعْمَلْ».

قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقرّ. اهـ.

 وقال رحمه الله: وسببُ العفو ما ذكرناه من تعذّرٍ اجتنابه، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه؛ فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حرامًا، ومهما عرض لك هذا الخاطرُ بالغيبة وغيرها من المعاصي، وجبَ عليك دفعُه بالإِعراض عنه، وذكر التأويلات الصارفة له عن ظاهره. اهـ.

ومما يدل على عدم المؤاخذة في هذا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ » قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ». رواه مسلم (132وجاء عند البخاري في «الأدب المفرد»( 1284) بلفظ آخر.

أما الذي يستقر في النفس، وتطمئن إليه النفس، فهذا فيه المؤاخذة، وهو داخل في ذنوب فاعلِها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) [النور]. وقال عَزَّ وَجَل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) [الحجرات].

وعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ». رواه مسلم (2553).

وعلى الانسان أن يستعيذ بالله من شر نفسه، وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ في خطبة الحاجة يقول: إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ» الحديث. رواه أبو داود (2118) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والحديث في «الصحيح المسند» (854) لوالدي رَحِمَهُ الله.

ومن الأدعية في صلاح النفس:

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَامْرَأَةٍ، مِنْ قَيْسٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي خَطَئِي وَعَمْدِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أَمْرِي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي» رواه أحمد (29/ 434وهو في «الصحيح المسند» (905) لوالدي رَحِمَهُ الله.

والدعاء من أعظم ما يعين على صلاح النفس وتزكيتها، ومن زكَّى نفسه فقد أفلح، قال الله عز وجل: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)﴾ [الشمس]. فمن زكي نفسه بطاعة الله وتقواه كان من المفلحين.

❖❖❖❖❖❖

السؤال: ما حكم حفل عيد الزواج قبل التاريخ بيوم أو بعده؟

الجواب: إقامة حفل عيد الزواج هذا ليس من ديننا بل هو تقليد لأعداء الله عَزَّ وَجَل، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». رواه أبو داود (4031) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وحسنه الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله.

وفي «مجموع الفتاوى» (5/ 176- 177) لابن باز رَحِمَهُ الله بعد أن تكلم على تحريم الاحتفال بالمولد النبوي، قال: وقد وقع في الناس أيضا تقليد لهؤلاء، فقد احتفل الناس بعيد ميلاد أولادهم أو عيد الزواج، فهذا أيضا من المنكرات وتقليد للكفرة. فليس لنا إلا عيدان عيد الفطر وعيد النحر وأيام التشريق وعرفة والجمعة. فمن اخترع عيدا جديدا فقد تشبه بالنصارى واليهود.

قال صلى الله عليه وسلم «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» وقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة». والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

فالواجب على أهل الإسلام أن يسلكوا طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأتباعهم من السلف الصالح وأن يتركوا البدع المحدثة بعدهم. اهـ.

وفي «فتاوى نور على الدرب» (4/ 2) للشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله قال: أرى أن ذلك لا يجوز؛ لأنهم يتخذون هذا عيدًا: كلما جاء ذلك اليوم اتخذوه عيدًا يتبادلون فيه الهدايا والفرح وما أشبه ذلك، لكن لو فعلوا هذا عند الزواج ليلة الزفاف أو في أيام الزواج فلا بأس، أما أن يجعلوه كلما مر هذا اليوم من كل سنة فعلوا هذا الاحتفال فلا يجوز؛ لأن الأعياد الشرعية ثلاثة: عيد الفطر، وعيد النحر، وعيد الأسبوع. اهـ.

❖❖❖❖❖❖