جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 28 مايو 2020

(12)دروس مختصرة في الصيام من كتاب عمدة الفقه الحنبلي

الدرس الثاني عشر

قال الإمام أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رحمه الله في كتاب الصيام من عمدة الفقه:

بَابُ صِيَامُ التَّطَوُّعِ

أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ عليه السلام، كَانَ يَصُوْمُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الَّذِيْ يَدْعُوْنَهُ الْمُحَرَّمَ،

 وَمَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيْهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ،

 وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ.

قوله رحمه الله:أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ عليه السلام..

دليله:عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ: «فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ»، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ»، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ»، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» رواه البخاري (1976)،ومسلم (1159).

هذا الحديث نصٌّ أن أفضل صيام التطوع صيام يوم وإفطار يوم،وذلك نصف الدهر.

وهذا  لِمَن لديه قوة واستطاعة على صيام  نبي الله داود،ولم يفوِّت به الحقوق والواجبات،ولا ما هو أهَمُّ.

قوله: وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ..

دليل ذلك: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ رواه مسلم(1163).

وهذا الحديث فيه استحباب الإكثار من الصيام في شهر محرم،وليس المراد صيامه كله،فقد قالت عائشة رضي الله عنها :وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ.رواه الإمام مسلم(746).

قوله:وَمَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ..

دليله:عن ابن عباس رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:«مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ:«وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ». رواه البخاري (969).

وهذا الحديث فيه فضل عشر ذي الحجة واستحباب الإكثار من الأعمال الصالحة فيها.

قوله:وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ..

دليله:عن أَبِي أَيُّوبَ الأنصاري رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ»رواه مسلم.

هذا الحديث فيه استحباب صيام ست من شوال.

انتهى الدرس الثاني عشر ولله الحمد والمنة.