تجنب
أذى المسلم في جميع الأحوال
عَنْ
عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ
النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالعَوَالِيِّ،
فَيَأْتُونَ فِي الغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الغُبَارُ وَالعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ
العَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْسَانٌ
مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ
أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا»رواه البخاري(902)،ومسلم (847).
قال
الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»:فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ:
رِفْقُ
الْعَالِمِ بِالْمُتَعَلِّمِ.
وَاسْتِحْبَابُ التَّنْظِيفِ لِمُجَالَسَةِ
أَهْلِ الْخَيْرِ.
وَاجْتِنَابُ أَذَى الْمُسْلِمِ بِكُلِّ طَرِيقٍ.
وَحِرْصُ الصَّحَابَةِ عَلَى امْتِثَالِ
الْأَمْرِ وَلَوْ شَقَّ عَلَيْهِمْ.اهـ
والشاهد من هذه
الفوائد«وَاجْتِنَابُ أَذَى الْمُسْلِمِ بِكُلِّ طَرِيقٍ».
وقوله:طريق:مذكر ،وقد يؤنَّث
يقال:طريقة.
قال الزبيدي في«تاج
العروس»:الطّريق: السّبيلُ مَعروف، يُذكّر ويؤنَّث. يُقال: الطّريقُ الأعْظَم،
والطّريقُ العُظْمى.
والمراد
تجنب أذى المسلم في جميع الأحوال،سواء كان بريح العرق كما في هذا الحديث.
أو رائحة أكل البقول والثوم،كما روى الإمام البخاري (856)،ومسلم (562)عَنْ عَبْدِالْعَزِيزِ وهو
ابن صُهيب، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، مَا سَمِعْتَ نَبِيَّ الله صلى
الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الثُّومِ؟ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا، أَوْ لَا
يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا.
وعند
الإمام مسلم <فلا يقربنا، ولا يصلي معنا>من غير شك.
قال ابن
رجب رحمه الله في «فتح الباري» (5/287):في النهي لمن أكلهما عن قربان الناس دليل
على أنه يُكره له أن يغشى الناس حتى يذهب ريحها،ولكن حضوره مجامع الناس للصلاة
والذكر ومجالسته لأهل العلم والدين أشد كراهة،من حضوره الأسواق، ومجالسته الفساق،ولهذا
في حديث جابر:وليقعد في بيته.اهـ
أو أذى
المسلم بما هو أشد من الريح،وهو الأذى بالقول والفعل.
الأذى بالقول:
كالسباب-سواء
سب الأحياء أو الأموات،الافتراء والتُّهَم والكذب،والغيبة،والنميمة،والتعيير،والسخرية
بالضعفاء والعُمَّال المقيمين في بلدان غيرهم..،وتناجي اثنين دون الثالث.
الأذى بالفعل:كالضرب،وسفك
الدماء البريئة،والظلم،والكبر،والحسد،والهجر والتقاطع بغير حق،والتجسس،والخداع،والخيانة،والغش.
فليحذر
المسلم أن يلقى ربَّه وهو على هذا الحال،فإن أذى المسلم لأخيه المسلم عظيم عند
الله،كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه،فالبدار قبل الفوات،وقبل القصاص وأخذ حسناتك -التي ادخرتها ليوم المعاد-للذي
آذيته،فهناك يكون القصاص بين يدي رب العالمين،ولا يظلم ربك أحدا.