جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 16 ديسمبر 2019

(63)الإجابةُ عن الأسئلةِ






كيف ينال الإنسان صدق العزيمة؟

مرحبا بك وباستفسارك المفيد

هناك أسباب تعين على الصدق في العزيمة،من ذلك:

·     الإخلاص والتوكل على الله .قال ابن القيم في «الفوائد»:هَذَا الصدْق معنى يلتئم من صحّة الْإِخْلَاص وَصدق التوكّل فَأَصدق النَّاس من صحّ إخلاصه وتوكّله.

·     المجاهدة على العزم الصادق الذي لا تردد فيه  ثم العمل .قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)﴾.

والإنسان قد يعزم على شيءٍ في المستقبل ثم لا يفعله كما قال تعالى في المنافقين:﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)﴾.

وقد يعزم على فعل الشيء مستقبلًا ويفعله قال تعالى﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)﴾.

 وقد يكون عنده تجلد وإيمان بالقدر قبل حصول المكروه فإذا وقع المكروه والبلاء من مرض أو موت عزيزٍ عليه أو فقر أو فِتن ضعُف ولم يفعل فيكون عزْمًا  بلا عمل،ولهذا من أدعية النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم:اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ..ولم يقل قبل القضاء.

قال ابن القيم رحمه الله  في مدارج السالكين (2/214):  سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَة يَقُولُ: سَأَلَهُ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ. لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَبَيَّنَ حَقِيقَةَ الرِّضَا. وَأَمَّا الرِّضَا قَبْلَهُ: فَإِنَّمَا هُوَ عَزْمٌ عَلَى أَنَّهُ يَرْضَى إِذَا أَصَابَهُ. وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الرِّضَا بَعْدَهُ.اهـ

·     الدعاء فعلى الإنسان أن يدعو ربه أن يرزقه العزيمة،فلا حول له ولا قوة إلا بالله ،وقد علَّم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حصينًا والد عمران  دعاءً وقال له: <قُلِ: اللهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي، وَاعْزِمْ لي عَلَى رُشْدِ أَمْرِي، اللهُمَّ اغْفِر لي مَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنتُ، وَمَا أَخطَأْتُ، وَمَا عَمَدْتُ، وَمَا عَلِمْتُ، وَمَا جَهِلْتُ>. رواه الإمام النسائي في «عمل اليوم والليلة» (993) والحديث صحيح.

وعند  الإمام أحمد (28/338) عن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم «إِذَا كَنَزَ النَّاسُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَاكْنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ:اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا  صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ».
هذه بعض الأسباب والله الموفق.



المراد بالصدق في العزيمة

قال ابن القيم في «الفوائد»(186):صدق الْعَزِيمَة جمعهَا وجزمها وَعدم التَّرَدُّد فِيهَا،بل تكون عَزِيمَة لَا يشوبها تردد وَلَا تلوُّم .

فَإِذا صدقت عزيمته بَقِي عَلَيْهِ صدق الْفِعْل،وَهُوَ: استفراغ الوسع وبذل الْجهد فِيهِ وَأَن لَا يتخلّف عَنهُ بِشَيْء من ظَاهره وباطنه.

 فعزيمة الْقَصْد تَمنعهُ من ضعف الْإِرَادَة والهمّة، وَصدق الْفِعْل يمنعهُ من الكسل والفتور، وَمن صدق الله فِي جَمِيع أُمُوره صنع الله لَهُ فَوق مَا يصنع لغيره،ولَيْسَ للْعَبد شَيْء أَنْفَع من صدقه ربه فِي جَمِيع أُمُوره مَعَ صدق الْعَزِيمَة فيصدقه فِي عزمه وَفِي فعله قَالَ تَعَالَى:﴿ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾،فسعادته فِي صدق الْعَزِيمَة وَصدق الْفِعْل. وَهَذَا الصدْق معنى يلتئم من صحّة الْإِخْلَاص وَصدق التوكّل فَأَصدق النَّاس من صحّ إخلاصه وتوكّله اهـ مع بعض التقديم والتأخير.

وقال ابن رجب كما في «مجموع رسائله»(1/343):العزيمة عَلَى الرشد مبدأ الخير، فإن الإنسان قد يعلم الرشد وليس له عليه عزم، فَإِذَا عزم عَلَى فعله أفلح.

والعزيمة: هي القصد الجازم المتصل بالفعل.

وقيل: استجماع قوى الإرادة عَلَى الفعل.


أسأل ربي سبحانه أن يرزقنا العزيمة على الرشد.