التحرُّز من
الغضب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ
رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لا
تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لا تَغْضَبْ».رواه البخاري(6116).
عن جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ السَّعْدِيِّ رضي الله
عنه، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي قَوْلًا يَنْفَعُنِي، وَأَقْلِلْ عَلَيَّ لَعَلِّي
أَعِيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا
تَغْضَبْ "، فَأَعَادَ عَلَيْهِ حَتَّى أَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا كُلُّ
ذَلِكَ يَقُولُ: " لَا تَغْضَبْ ".رواه أحمد(33/468).والحديث صحيح.
ومعنى الحديث كما يقول ابن رجب رحمه الله في «جامع
العلوم والحكم»: هذا الرجل طلب من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، أن يوصيه وصية وجيزة، جامعة لخصال الخير، ليحفظها عنه، خشية ألا
يحفظها لكثرتها، ووصاه النبي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا يغضب.
ثم ردد هذه
المسألة عليه مرارًا، والنبي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يردد
عليه هذا الجواب.
فهذا يدل على
أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير.اهـ
وهذا
يحتاج إلى جهاد ومجاهدة،وحِلْمٍ وصبر،فإن دواعي الغضب ومثيراته كثيرة وكثيرة.
وإذا لم يكظم وقع في الزلَّات والأخطاء والبلاء،حتى إنه عُدَّ
الغضب من الأعداء،كما قال الشاعر:
ولم أر
فضلا تم إلا بشيمة .. ولم أر عقلا صح إلا على الأدب
ولم أر في
الأعداء حين اختبرتهم .. عدوًا لعقل المرء أعدى من الغضب
قال ابن
القيم في«التبيان في أقسام القرآن»(417):الغضب غول العقل يغتاله كما يغتال
الذئب الشاة وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته.اهـ
ولما كان
الغضب يجر إلى عواقب سيئة وإلى الخروج عن الرُّشد والحق كان من أدعية النبي صلى
الله عليه وسلم:وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا.
الغضب ليس
من سيما العقلاء.
قال ابن
حبان في «روضة العقلاء»(139):الواجب على العاقل إذا ورد عَلَيْهِ شيء بضد مَا
تهواه نفسه أن يذكر كثرة عصيانه ربه وتواتر حلم اللَّه عنه، ثم يُسَكِّن غضبه ولا
يزري بفعله الخروج إلى مالا يليق بالعقلاء في أحوالهم ،مع تأمل وفور الثواب في
العقبى بالاحتمال ونفي الغضب.اهـ
وإضافة
إلى ما ذكره ابن حبان في دفع الغضب وعلاجه:
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم،كما قال الله تعالى:﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)﴾[الأعراف].
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم،كما قال الله تعالى:﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)﴾[الأعراف].
اللهم إنا نعوذ بك من نزغات الشيطان وشركه.