من آداب الحاج
خلُقُ الأدب من مكارم
الأخلاق،وهو عنوان سعادة المسلم.
والإنسان بأدبه وروحه
وليس بجسده.
يا خادم الجسم كم
يشقى بخدمته.. فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
فلهذا اعتنى أهل
العلم بذكر آداب الحاج قبل الشروع في الحج وبعده للحاجة الشديدة إليه،والإنسان قد يجهل،وقد
يخفى عليه بعض الأشياء،وقد ينسى ،وخاصة مع وجود المشاق والعناء كالحَرِّ والسهر والزحام
الشديد في المناسك فيحصل ما ينافي الأدب من الأخلاق السيئة وما لا يليق بالحاج.فأقول: من آداب الحاج
· التفقه في أحكام الحج
ليكون على نورٍ وعلمٍ وبصيرة.
وكم يحصل من مخالفات
وقد تسبب فساد الحج بسبب الجهل بأمور الحج.
· المبادرة إلى التوبة
من جميع الذنوب.قال تعالى:﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)﴾[النور].
وشروط التوبة:
أنْ يُقلِعَ
عَنِ المَعصِيَةِ.
أَنْ
يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا.
أنْ
يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَداً. فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ
لَمْ تَصِحَّ تَوبَتُهُ.
هذا إذا كَانتِ
المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ ربه،وإن كانت المعصية تتعلق بحقوق الآدميين المالية فيضاف شرطٌ رابع وهو
ردُّ الحق إلى أهله.
واعلم أن حقوق
الآدميين مبنية على المشاحَّة وحقوق الله مبنية على المسامحة.
والتوبة واجبة في كل
وقت،ولكن أهل العلم يخصون الحاج بها،لأنها آكد في حق الحاج،وليكون حجه مبرورًا.
· التزود بما يحتاج حتى
لا يمد يده إلى الناس.
قال
تعالى في مدح التعفُّف:﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ
تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾[البقرة:274].
عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:كَانَ أَهْلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ
وَلاَ يَتَزَوَّدُونَ،وَيَقُولُونَ: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا
مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ
خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة: 197].رواه البخاري(1523).
·
تحرِّي المال الحلال
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا،
وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ:
{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي
بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}وَقَالَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ثُمَّ ذَكَرَ
الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ،
يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ
حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ "رواه مسلم(1015).
قال
النووي في شرح هذا الحديث: أَيْ: مِنْ أَيْنَ يُسْتَجَابُ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ وَكَيْفَ
يُسْتَجَابُ لَهُ؟
ومن حج
من مالٍ حرام فهو على معصية،ويُحرم من الأجر الكامل ،ومن الحج المبرور.بل قال
بعضهم:
إذا حججتَ
بمال أصله سحت .. فما حججتَ ولكن حجت العير
لا يقبل
الله إلا كل صالحة .. ما كل من حج بيت الله مبرور
يعني:أنت
لم تحج لأن مالك من حرام،والذي حج هو الإبل.
وهذا على
قول:لا يصح الحج من مالٍ حرام،والصحيح أنه يصح مع الإثم.
كتبت عن
والدي رحمه الله :الحج من مالٍ حرام
لا يجوز ولكن لو حج فحجه صحيح،ولا يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لأنه على معصية.اهـ
وأما ما
جاء عَنْ عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ
وَسلَّمَ إِذَا حَجَّ الرَّجُلُ بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَقَالَ: لَبَّيْكَ
اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ قَالَ اللَّهُ لا لَبَّيْكَ، ولا سَعْدَيْكَ هَذَا مَرْدُودٌ
عَلَيْكَ.رواه ابن عدي في «الكامل»(3/585)وهو ضعيف جدا وقد ذكره الشيخ الألباني
في السلسلة الضعيفة (1433).
·
احتساب أجر مال نفقة الحج ولوازمه من الله وحده،فلا يغفل الحاج عن
ذلك،أو يظن أنه خسِر كذا،بل
هو مال رابح بإذن الله إذا وُجِد احتساب للأجر والثواب من الله.
·
الإخلاص
على
الحاج أن يريد بحجه ابتغاء وجه الله والدار الآخرة.قال تعالى:﴿أَلَا لِلَّهِ
الدِّينُ الْخَالِصُ﴾[الزمر:3].
فلا يحج
رياء ولا سمعة ولا مفاخرة ولا لأجل الدنيا وحطامها. سواء حج عن نفسه أو نيابة عن غيره.
وقد
نبَّه أهل العلم على أن من حج عن غيره لأجل المال فلا حجَّ عن نفسه ولا حج عن غيره.وذلك
لأن الله يقول:﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ
إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15)أُولَئِكَ
الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا
فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)﴾[هود].
·
تحرِّي الرفيق الصالح
فالرفيق
الصالح الطيب نعمة من الله وسعادة وراحة نفسية.
وليستفيد
منه ويكون عونا له على الخير فيذكره إذا نسي وينبهه إذا غفل.بخلاف صحبة الأشرار
والكُسالى فلا يزداد الأمر إلا خبالًا.
·
حفظ الجوارح واللسان من المعاصي لقوله تعالى:(فمن فرض فيهن الحج فَلَا
رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ).
· التحلي بالصبر فيصبر
على المشاق وعلى الحر والمشي ويصبر
على جهاد النفس والشيطان وفي الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة أجرُك عَلَى
قَدْرِ نَصَبِكِ .
·
السكينة والرفق وعدم الأذية والمزاحمة أثناء المشي والطواف والسعي وقد
كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول :السكينة السكينة.
·
استغلالُ الوقت والمحافظة عليه في الذكر والدعاء وقراءة القرآن
والتلبية والتكبير ويستمرفي التلبية حتى جمرة العقبة كما في الصحيحين.