جديد الرسائل

الخميس، 13 يونيو 2019

(21)اختصار الدرس السابع عشر من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية




من فضائل عشر ذي الحجة: 


·     أن العمل فيها أفضل من العمل في الأيام الأُخرى إلا ما استُثنِي في حديث ابن عباس.


 عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»رواه البخاري (969).

·     أن عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات التي شرع الله فيها الذكر، قال تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج: 28].

 وأما الأيام المعدودات: فهي أيام التشريق، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ (203) ﴾[البقرة: 203].

·     أقسم الله بعشر ذي الحجة لشرفِها وفضلها، فقال: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:2]. قال ابن كثير في «تفسيره»: اللَّيَالِي الْعَشْرُ: الْمُرَادُ بِهَا عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.

·     أنها خاتمة الأشهر المعلومات أشهر الحج التي قال الله فيها: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾[البقرة:197] وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.

·     قيل: هي العشر التي أتمَّ الله سبحانه بها الثلاثين لموسى عليه السلام قال الله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾[الأعراف:142]. كما ذكر هذا ابن كثير في «تفسيره» (3/468).

·     أن فيها يوم عرفة اليوم التاسع، ويوم عرفة يوم شريف صيامه يكفر سنتين.

والوقوف بعرفة ركن من أركان الحج.. وهو اليوم المشهود عند جماعة من المفسرين، وأكمل الله فيه الدين، كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾[المائدة:4].

·     أنه فيها يوم النحر، يوم الحج الأكبر. سُمِّي يوم الحج الأكبر لأن معظم أعمال الحج فيه، وهو من أفضل الأيام. روى أبو داود (1765)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ».

وهذا الحديث دليلٌ على أن يوم النحر أفضل من يوم عرفة.

قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (1/55): قِيلَ: يَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، قَالُوا: لِأَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَصِيَامُهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ، وَمَا مِنْ يَوْمٍ يُعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ الرِّقَابَ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ؛ وَلِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَدْنُو فِيهِ مِنْ عِبَادِهِ، ثُمَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ بِأَهْلِ الْمَوْقِفِ. وَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ-أن يوم النحر أفضل من يوم عرفة-لِأَنَّ الْحَدِيثَ-(حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ)-الدَّالَّ عَلَى ذَلِكَ لَا يُعَارِضُهُ شَيْءٌ يُقَاوِمُهُ، وَالصَّوَابُ أَنَّ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾[التوبة:3وَثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» أَنَّ أبا بكر وعليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَذَّنَا بِذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ، لَا يَوْمَ عَرَفَةَ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أيهما أفضل العشر من ذي الحجة أو العشر الأخيرة من رمضان؟

اختلف أهل العلم في هذا وذكر ابن القيم رَحِمَهُ الله في «بدائع الفوائد» (3/162) عن شيخ الإسلام ابن تيميه أنه سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟ فقال: «أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة».

قال ابن القيم: وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، وفيها يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية، وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر. فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة. اهـ.

وقال الحافظ ابن كثير في «تفسير سورة الحج» (رقم الآية28): قَدْ قِيلَ: إِنَّ العشر أَفْضَلُ أَيْامِ السَّنَةِ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ، فَفَضَّلَهُ كَثِيرٌ عَلَى عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ، لِأَنَّ هَذَا يُشْرَعُ فِيهِ مَا يُشْرَعُ فِي ذَلِكَ، مِنْ صِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهِ، وَيَمْتَازُ هَذَا بِاخْتِصَاصِهِ بِأَدَاءِ فَرْضَ الْحَجِّ فِيهِ.

وَقِيلَ: ذَاكَ أَفْضَلُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ، الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

وَتَوَسَّطَ آخَرُونَ فَقَالُوا: أَيْامُ هَذَا أَفْضَلُ، وَلَيَالِي ذَاكَ أَفْضَلُ. وَبِهَذَا يَجْتَمِعُ شَمْلُ الْأَدِلَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

 ونبَّه ابن رجب على تفضيل الأعمال في عشر ذي الحجة على غيرها بتنبيهٍ دقيق مفيد فقال رحمه الله في «فتح الباري» (9/15) لكن فرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض سائر الأعشار، ونوافله أفضل من نوافلها، فأما نوافل العشر فليست أفضل من فرائض غيره.

وحينئذٍ فصيام عشر رمضان أفضل من صيام عشر ذي الحجة، لأن الفرض أفضل من النفل.

وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره. اهـ.

السبب في فضل عشر ذي الحجة

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (969): الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ. اهـ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الأعمال التي تُشرع في ذي الحجة.

·     صوم عشر ذي الحجة

وقد دلَّ حديثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عند البخاري (969) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» على الاهتمام بالأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة.

وقد ذهب جمهور العلماء إلى استحباب صيام عشر ذي الحجة كلها لعموم حديث ابن عباس.

أما الأحاديث التي فيها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ صام عشر ذي الحجة فأسانيدها ضعيفة.

 وقد جاء ما يخالف ذلك. روى الإمام مسلم (1176) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ».

وقد أجاب النووي رحمه الله في «شرح صحيح مسلم» (8/72) عن هذا الحديث وقال: يُتَأَوَّلُ قَوْلُهَا لعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَائِمًا فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ من ذَلِكَ عَدَمُ صِيَامِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. اهـ.

والتعبير بعشر ذي الحجة للأغلب والمراد تسع ذي الحجة، فلا يدخل يوم النحر في الصيام، لأنه منهي عن صيامه.

·     الإكثار من التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ.

روى أحمد (9/323) عن ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ». وفيه يزيد بن أبي زياد الهاشمي، ضعيف ولكنه قد توبع، ويشهد له عموم حديث ابن عباس السابق.

·     الإكثار من قراءة القرآن.

·     الصدقة.

·     التفرغ ما أمكن للعبادة وعدم الانشغال فيها.

لأنها موسم من مواسم الخير. قال ابن رجب في «لطائف المعارف» (15): السعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات. اهـ.

ومع ذلك فالقليل من يشعر بفضلِها وقدرها وأنها أفضل الأيام عند الله.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «مجموع فتاواه» (25/191): إن العمل في هذه الأيام أيام عشر ذي الحجة الأولى أفضل وأحب إلى الله من العشر الأواخر من رمضان.

قال: وهذا شيء غفل عنه الناس وأهملوه، حتى إن عشر ذي الحجة تمر بالناس وكأنها أيام عادية ليس لها فضل وليس للعمل فيها مزية. اهـ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صيام يوم عرفة 

يستحب صيام يوم عرفة لحديث أبي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ مَاضِيَةً وَمُسْتَقْبَلَةً، وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً»وهذا قول جمهور العلماء.

وهذا بالنسبة لغير الحاج، أما الحاج فعند جمهور أهل العلم لا يستحب له صيام يوم عرفة، والدليل حديث أُمّ الْفَضْلِ: «أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ بِلَبَنٍ فَشَرِبَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِعَرَفَةَ».

قال جمهور العلماء: الحكمة من ذلك ليتقوى الحاج على الدعاء والعبادة وأعمال الحج، وقال بعضهم: الحكمة أنه يوم عيد أهل عرفة، وهذا اختيار شيخ الإسلام لهذا الحديث «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأيام التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أهل الْإِسْلَامِ وَهِيَ أيام أَكْلٍ وَشُرْبٍ».

وقد استُشكِل تكفير ذنوب السنة المستقبلة لأن التَّكْفِيرَ: التَّغْطِيَةُ، وَلَا تَكُونُ إلَّا لِشَيْءٍ قَدْ وَقَعَ. وقد ذكر الجواب عنه الشوكاني في الشرح (4/284) وقال: أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ يُكَفِّرُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ، أو الْمُرَادُ أنه يَلْطُفُ بِهِ فَلَا يَأْتِي بِذَنْبٍ فِيهَا بِسَبَبِ صِيَامِهِ ذَلِكَ الْيَوْمِ. اهـ.

ويستفاد من حديث أم الفضل: جواز الجدال الهادئ للحاج في إظهار الحق ومعرفة الصواب، وأما قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197]. فهذا فيما لا فائدة فيه وفي الجدال في الباطل.

ونستفيد من حديث أبي قتادة: أن صوم يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، لأن صوم يوم عرفة يكفر سنتين، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة واحدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فائدة:

سبق أن من مكفرات الذنوب صيام يوم عرفة وصيام يوم عاشوراء.

وقد يرِدُ إشكالٌ عند بعضهم أنه إذا كُفِرَت ذنوبُ من يصوم يوم عرفة فما الذي يكفِّرُه صوم يوم عاشوراء ..وهكذا.

وقد أورد السؤال النووي رحمه الله في «المجموع» (6/382) وأجاب عنه وقال: (فَإِنْ قِيلَ) قَدْ وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ وَوَقَعَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُهَا مِمَّا فِي مَعْنَاهَا فَإِذَا كَفَّرَ الْوُضُوءُ فَمَاذَا تُكَفِّرُهُ الصلاة؟ وإذا كفرت الصَّلَوَاتُ فَمَاذَا تُكَفِّرُهُ الْجُمُعَات وَرَمَضَانُ؟ وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ؟ وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

(فَالْجَوَابُ) مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ وَذَلِكَ كَصَلَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالصِّبْيَانِ وَصِيَامِهِمْ وَوُضُوئِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عِبَادَاتِهِمْ، وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ. اهـ المراد.