جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 28 مايو 2019

(18)اختصار الدرس الرابع عشر من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية




بعض مسائل قضاء رمضان:

·     جواز التفريق في قضاء رمضان. لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ ولم يقل سبحانه وتعالى: متتابعات، وهذا قول جمهور أهل العلم واختاره ابن المنذر في «الإشراف على مذاهب العلماء» (3/147).

وقال بعضهم: يقضيه متتابعًا. روي ذلك عن علي، وبه قال ابن عمر، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، والنخعي. عزاه إليهم ابن المنذر في «الإشراف على مذاهب العلماء» (3/146). وهو قول الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله في «تمام المنة» (424).

قلت: التتابع في القضاء هو الأَولى والأحسن امتثالًا للأمر بالمسارعة إلى الخير قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) [آل عمران:133 ولأنه أسرع لبراءة الذمة، وتجنُّبًا لآفات التأخير فقد يأتي وقتٌ لا يُتمكَّنُ فيه من القضاء لمرضٍ أو موت أو صوارفَ أُخر.

ولهذا قال الحافظ في «فتح الباري» (تبويب حديث1950): لا يختلف المجيزون للتفريق أن التتابع أولى. اهـ.

إلا إذا لم يبق من شعبان إلا قدْر ما عليه، فيجب التتابع إجماعًا، لضيق الوقت، كأداء رمضان، في حق من لا عذر له.

· جواز تأخير القضاء. وهذا يدل له قوله سبحانه: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ ولم يذكر الفورية.

 وحديث عائشة قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أن أَقْضِيَ إلا فِي شَعْبَانَ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

وهذا قول جمهور العلماء أن القضاء على التراخي، وأنه لا يجب الفور بالقضاء، لأن وقته موسَّع، فجميع أيام السنة وقتٌ للقضاء.

وذهب بعضهم إلى أن يجب القضاء على الفورية لمن ليس لديه عذر. وهو قول الشيخ الألباني في «تمام المنة» (424).

ويستحب المبادرة إلى القضاء مبادرة ومسارعة  إلى الطاعة ،ولِما تقدم في مسألة التتابع في القضاء.

· أن التأخير يجوز إلى شعبان، ولا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان لغير عذر، ويدل لذلك حرصُ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على القضاء في شعبان.

وما هو العذر الذي تؤخر أم المؤمنين القضاء لأجله؟

في هذه الرواية «وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وهذه الزيادة مدرجة. فقد روى الحديث البخاري (1950) وقال في آخره: قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ أَوْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه مسلم (1146) من طريق يحيى بن سعيد عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن عائشة، به و فيه «فَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَكَانِهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْيَى يَقُولُهُ» أي يحيى بن سعيد الأنصاري كما نصَّ عليه الحافظ في «فتح الباري» (1950).

قال الحافظ في «فتح الباري» (1950): وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ فَيَعْدِل، وَكَانَ يَدْنُو مِنَ الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا فَيُقَبِّلُ وَيَلْمِسُ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فَلَيْسَ فِي شُغْلِهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ. اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا كَانَتْ لَا تَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَمْ يَكُنْ يَأْذَنُ لِاحْتِمَالِ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهَا فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَذِنَ لَهَا، وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ الصَّوْمَ فِي شَعْبَانَ فَلِذَلِكَ كَانَتْ لَا يَتَهَيَّأُ لَهَا الْقَضَاءُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ. اهـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا فرَّط في القضاء حتى أدركه رمضان آخر

من فرَّط في القضاء حتى أدركه رمضان آخر يكون آثمًا وعليه التوبة والاستغفار، والمبادرة إلى القضاء بعد ذلك. لقول الله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].

وروى مسلم في «صحيحه» (1148) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ».

 وأما الفدية فليس عليه فدية لعدم ما يلزم بالفدية، قال البخاري في (تبويب حديث 1950): لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الإِطْعَامَ، إِنَّمَا قَالَ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[البقرة: 184].

 قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»: إِنَّمَا يَقْوَى مَا احْتَجَّ بِهِ-البخاري- إِذَا لَمْ يَصِحَّ فِي السُّنَّةِ دَلِيلُ الْإِطْعَامِ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْكِتَابِ أَنْ لَا يَثْبُتَ بِالسُّنَّة، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ مَرْفُوعٌ وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. اهـ المراد.

 وهذا قول إبراهيم النخعي وأبي حنيفة وآخرين.

ورجحه الشوكاني في «نيل الأوطار» (4/599)،وهو قول والدي الشيخ مقبل.

وهو قول الشيخ ابن عثيمين في «الشرح الممتع» (6/446) قال رحمه الله: الصحيح في هذه المسألة، أنه لا يلزمه أكثر من الصيام الذي فاته إلا أنه يأثم بالتأخير.

وذهب جمهور العلماء إلى أن عليه الفدية. وهذا فيه بعض الأحاديث الضعيفة وبعض الآثار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من كانت أعذارها مستمرة بين الرمضانِيَيْنِ بسبب وضع أو حمل

بعض النساء أعذارها مستمرة إما أن تكون مرضعًا، وإما أن تكون حاملًا، والصيام يشق عليها.

هذه تتأنى حتى يتيسر لها القضاء، وليس عليها فدية.

 وقد قال بعض أهل العلم: عليها فدية، ولكن ليس هناك دليل يلزمها بهذا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة: ما تقدم من القضاء هو في حق من أفطر من المعذورين  كالمريض والمسافر والحائض والنفاس.

أما الذي يفطر في رمضان عامدًا بأكلٍ أو شرب أو جماع.. فليس له القضاء.

وهذا هو الذي استفدنا من والدي رحمه الله فقد سُئِل هل يقضي من أفطر في رمضان عمداً لغير عذر؟

جـ: عليه التوبة الصادقة، ولا يقضي على الصحيح.

وهو قول الشيخ الألباني رحمه الله في «تمام المنة» (425)،وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ،وعزاه في «الاختيارات» (ص65)إلى ابن حزم ،ورواه ابن حزم عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي هريرة.

إلا أن الشيخ الألباني رحمه الله يستثني المجامع في نهار رمضان لرواية «وصم يوما مكانه».

ولا نستدل هنا بما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ». لأنه حديث ضعيف،وضعَّف الحديث الشيخ الألباني في «تمام المنة» (396 ووالدي الشيخ مقبل كما استفدته من دروسه.

استفدنا عددًا من مسائل القضاء:

·     جواز التفريق في قضاء رمضان، والتتابع أولى.

·      استثناء مَن لم يبق له من شعبان إلا قدْر ما عليه، فيجب التتابع إجماعًا، لضيق الوقت، كأداء رمضان، في حق من لا عذر له.

·     أن القضاء على التراخي، ويستحب المبادرة إلى القضاء لأدلة المسارعة إلى الطاعة.

·     جواز تأخير القضاء إلى شعبان.

·     لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان لغير عذر.

·     من فرَّط في القضاء حتى أدركه رمضان آخر يكون آثما ،وعليه التوبة والاستغفار والمبادرة إلى القضاء بعد ذلك.

·     لا يُلزم بالفدية من فرَّط في القضاء حتى أدركه رمضان آخر. لعدم ما يلزم بالفدية.

·     بعض النساء أعذارها متصلة سنين إما أن تكون مرضعًا، وإما أن تكون حاملًا، والصيام يشق عليها.

هذه تتأنى حتى يتيسر لها القضاء، وليس عليها فدية.

·     من أفطر في رمضان عامدًا بأكلٍ أو شرب أو جماع.. فلا يشرع له أن يقضي على الصحيح، لأن القضاء في حقِّ المعذور.