جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 30 مارس 2019

(7) القرآنُ وعلومُه


          جواز ميل النفس إلى بعض القرآن أكثر



عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ: بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا، وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فَقَالَ: «يَا فُلاَنُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ، وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ:«حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ».
أخرجه البخاري(2/330) معلَّقا ،ولكن قد وصله الترمذي والبيهقي كما في«فتح الباري».



-----------------------------------

هذا الحديث العظيم يستفادُ منه:

·     جَوَازُ تَخْصِيصِ بَعْضِ الْقُرْآنِ بِمَيْلِ النَّفْسِ إِلَيْهِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ هِجْرَانًا لِغَيْرِهِ قَالَه ابن المنير  كما في فتح الباري.


·     أن القرآن يتفاضل فبعضُه أفضلُ من بعض.

 وهذا هُوَ الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ السَّلَفِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الطَّوَائِفِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ كما في مجموع الفتاوى (17/ 13) لشيخ الإسلام .


وقد وضَّحَ الشيخ ابن عُثيمين رحمه الله في«شرح بلوغ المرام»(5/638)شرح حديث(سبحان الله عدد خلقه..)المرادَ من تفاضل القرآن بعضه على بعض.

فقال:القرآن يتفاضل من حيث المدلولِ،بعضه يؤثر تأثيرًا عظيمًا على القلب إذا سمعه،ومن حيث الأُسلوب والفصاحة والبلاغة وغير ذلك .

ومن حيث  المتكلِّم به فهو لا يتفاضل،لأن المتكلم به واحد وهو الله عز وجل.

قال:فعلى هذا التفصيل ،يتفاضل من حيثُ المعنى،ولا يتفاضل من حيث المتكلم اهـ.



·     قال ابن القيم في«مفتاح دار السعادة»(77):فيه دليل على أن من أحب صِفَات الله أحبه الله وَأدْخلهُ الْجنَّة.

والجهمية أشدُّ النَّاس نفرة وتنفيرا عَن صِفَاته ونعوت كَمَاله، يعاقبون ويذمون من يذكرهَا ويقرؤها ويجمعها ويعتني بهَا،وَلِهَذَا لَهُمُ المقت والذم عِنْد الأمة وعَلى لِسَان كلِّ عَالم من عُلَمَاء الإسلام،وَالله تَعَالَى أشد بغضا ومقتا لَهُم جَزَاء وفَاقا.

وفيه غير ذلك من الفوائد.