جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 18 نوفمبر 2018

(61)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ


                     


                     فوائد ومسائل من دروس تفسير ابن كثير





                     [سورة الأنبياء (21):الآية 37-38]








﴿خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ﴾

أي:أن جنس الإنسان مِن طبيعتِه وجبِلّتِه العجلَة .

وقال بعض المفسِّرين: المراد آدم أنه سأل ربه أن يعجل بخلقه قبل غروب الشمس،وهذا التفسير من الإسرائيليات التي لا يُعتمَدُ عليها.

ومن المفسرين من قال: أَيْ:مِنْ طِينٍ كما قيل:

والنخل ينبت بَيْنَ الْمَاءِ وَالْعَجَلِ.

أي:بين الماء والطين.

 وهذا التفسير يرده سياق الآية،وهو قوله:﴿سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ فالآية تدل على أن المراد العجلة المعروفة وهي الإسراع في الأمور وعدم التمهل و التأني،وهذا قول الشنقيطي رحمه الله في«أضواء البيان» (4/149).

وسياق كلام ابن كثير أيضًا يدلُّ على ذلك فإنه قال:والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول،صلوات الله وسلامه عليه،وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت،فقال الله تعالى:﴿خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته،يؤجل ثم يعجل،ويُنظِر ثم لا يؤخر.

﴿ سَأُرِيكُمْ آياتِي﴾ أي استعجال العذاب وَقِيلَ:كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَ الْقِيَامَةَ.كما في تفسير البغوي (3/ 289).

في هذه الآية من الفوائد:

·     أن الإنسان من طبيعته وسجيَّتِه العجلة،وكما قال تعالى:﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾[الإسراء:11].

·     ذم العجلة والتحذير منها.

·     تربية القرآن للعبد المسلم على الآداب والأخلاق والمكارم والمعالي ،كعدم الاستعجال في الأمور،على لزوم الصدق،على ترك النفاق ومساوئ الأخلاق،على التحلي بالصبر في الضراء والسراء،على خلُقِ القناعة،والحذر من أمراض القلوب من الشبهات والشهوات،على الإحسان والرحمة،على الخوف من الله سبحانه،على التهيؤ والاستعداد للآخرة،وعدم تفويت الفُرص فتقع الندامة حيث لا ينفع الندم إلى غير ذلك.





وقوله:﴿وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (38)﴾.



هذه الآية تكررت في القرآن ست مرات:

1– في سورة يونس (48).

2– وفي سورة الأنبياء (38).

3- وفي النمل (71).

4– وفي سورة سبأ (29).

5– وفي سورة يس (48).

6– وفي سورة الملك (25).

قال الشوكاني رحمه الله في فتح القدير (3/482):أَيْ: مَتَى حُصُولُ هَذَا الْوَعْدِ الَّذِي تَعِدُنَا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ، قَالُوا ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ.

 وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْوَعْدِ هُنَا الْقِيَامَةُ، وَمَعْنَى إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إِنْ كُنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ صَادِقِينَ فِي وَعْدِكُمْ،وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتْلُونَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ الْمُنْذِرَةَ بِمَجِيءِ السَّاعَةِ وَقُرْبِ حُضُورِ الْعَذَابِ.