جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

(2)فوائد من دروس التبيان في آداب حملة القرآن




                   من/الباب الأول: في أطرافٍ من فضيلة تلاوة القرآن وحملته.

قال النووي رَحِمَهُ الله:   وَرُوِّيْنَا  عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». رواه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري في صحيحه الذي هو أصح الكتب بعد القرآن.

-----------------------------

(خَيْرُكُمْ) أي: أفضلكم.

وراوي هذا الحديث عن عثمان بن عفان هو أبو عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب، وبسبب هذا الحديث جلس يقرئ الناسَ مدة طويلة، كما روى البخاري (5027) عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»، قَالَ: وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ، حَتَّى كَانَ الحَجَّاجُ قَالَ: وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا.

قال ابن كثير رَحِمَهُ الله في «فضائل القرآن» (207): قالوا: وكان مقدار ذلك الذي مكث يعلم فيه القرآن سبعين سنة، رحمه الله وأثابه، وآتاه ما طلبه ورامه، آمين. اهـ.

وهذا مِنْ هدي السلف العمل بالعلم، وهذه حياتهم، حياة علمٍ وعمل وعبادة، لهذا بارك الله لهم في علمهم وأوقاتهم، هنيئًا لهم.

من فوائد الحديث:

*فضل تعلُّم القرآن وتعليمه.

*الحث على تعلم التفسير وتعليمه.

قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «مفتاح دار السعادة» (1/74): وَتعلم الْقُرْآن وتعليمه يتَنَاوَل تعلم حُرُوفه وَتَعْلِيمهَا وَتعلم مَعَانِيه وَتَعْلِيمهَا، وَهُوَ أشرف قسمي علمه وتعليمه، فَإِن الْمَعْنى هُوَ الْمَقْصُود وَاللَّفْظ وَسِيلَة اليه.. إلخ.

والتفسير أحد فنون العلم التي مدارُ العلم عليها، قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ الله في «فتح الباري» (1/187): الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ: الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يُفِيدُ مَعْرِفَةَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ أَمْرِ دينه فِي عِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ، وَالْعِلْمُ بِاللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَنِ النَّقَائِصِ.

قال: وَمَدَارُ ذَلِكَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ. اهـ.

الاهتمام بالتفسير داخل في النصيحة لكتاب الله فقد ذكر محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/693) عن بعض أهل العلم أنه فسر النصيحة لكتاب الله، وقال: وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ فَشِدَّةُ حُبِّهِ وَتَعْظِيمُ قَدْرِهِ إِذْ هُوَ كَلَامُ الْخَالِقِ، وَشِدَّةُ الرَّغْبَةِ فِي فَهْمِهِ، ثُمَّ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ فِي تَدَبُّرِهِ، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ تِلَاوَتِهِ لِطَلَبِ مَعَانِي مَا أَحَبَّ مَوْلَاهُ أَنْ يَفْهَمَهُ عَنْهُ وَيَقُومُ لَهُ بِهِ بَعْدَ مَا يَفْهَمُهُ. اهـ.

 (البخاري) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه. صاحب «الصحيح»، كانت ولادته سنة (194)، وسنة وفاته (256)، وله اثنتان وستون سنة.

(الذي هو أصح الكتب بعد القرآن) أصح الكتب بعد القرآن الكريم «صحيح البخاري» ثم «صحيح مسلم»،وقد تلقتِ الأُمَّةُ هذين الكتابين بالقبول، سوى أحرف يسيرة، انتقدها بعض الحفاظ، كالدارقطني وغيره.

وهناك كتبٌ أخرى أُطلق عليها الصحيح، ولكن لم يفِ أصحابها بذلك، مثل:«صحيح ابن خزيمة» ولم يُطْبَعْ كاملًا، و«صحيح ابن حبان»، و«المستدرك» للحاكم، والحاكم أكثرهم تساهلًا، وكما قال ابن الصلاح في «المقدمة» عن الحاكم:إنه واسع الخطو في شرط الصحيح.

ومن الكتب المتأخرة: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للشيخ الألباني،و«الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين» للوالد رَحِمَهُما الله.