جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

(126)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ


                   التاريخ الهجري



لقد ابتدأ التاريخُ الإسلامي من هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  في زمن عمر رضي الله عنه .

روى البخاري في صحيحه (3934)عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ  صلى  اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ مِنْ وَفَاتِهِ، مَا عَدُّوا إِلَّا مِنْ مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ».

 ولكنهم  لم يحسبوا مِن شهر ربيع الأول الذي هاجر فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مكة إلى المدينة،ولكن من شهر الله المحرَّم.

قال ابنُ كثير في البداية والنهاية(3/ 252 ): جَعَلُوا أَوَّلَهَا مِنَ الْمُحَرَّمِ فِيمَا اشْتُهِرَ عَنْهُمْ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ جمهور الأئمة.

قال :وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ السَّنَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الشَّهْرُ الَّذِي هَاجَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَدِ اسْتَدَلَّ السُّهَيْلِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) أَيْ: مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ حُلُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم الْمَدِينَةَ، وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ التَّارِيخِ كَمَا اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى أَوَّلِ سِنِيِّ التَّارِيخِ عَامَ الْهِجْرَةِ.

وَلَا شكَّ أنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مُنَاسِبٌ، وَلَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَوَّلَ شُهُورِ الْعَرَبِ الْمُحَرَّمُ فَجَعَلُوا السَّنَةَ الْأُولَى سَنَةَ الْهِجْرَةِ.

وقال الحافظ ابنُ كثير:وَجَعَلُوا أَوَّلَهَا الْمُحَرَّمَ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ النِّظَامُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وقال الحافظ ابنُ حجر رحمه الله في فتح الباري (3934) :وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ إِذِ الْبَيْعَةُ وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ ذِي الْحِجَّةِ وَهِيَ مُقَدِّمَةُ الْهِجْرَةِ فَكَانَ أَوَّلُ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْبَيْعَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأً،وَهَذَا أَقْوَى مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمُحَرَّمِ . اهـ

وهناكَ شبهة جعلتْ كثيرًا يستعمل التاريخ الميلادي ويترك التاريخ الهجري أنَّ التاريخ الميلادي منضبط،كذا زعموا،وهي شبهةٌ أوهى مِن خيط العنكبوت،ولكنَّه التأثُّر بالكفار أعداء ديننا الحنيف،وبالمجتمعات التي تقلِّد الكفار .

وهذا جوابٌ للشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله عن هذا الاحتجاج،وقد قُدِّم له سؤال نصُّه:

  بمناسبة العام الهجري الجديد نرجو أن تنبهوا الطلاب إلى أهمية التاريخ بالهجري، وهل ينبغي لطالب العلم أن يؤرخ بالتاريخ الإفرنجي، فبعضهم يقول: إن التاريخ الإفرنجي منضبط؟



الجواب

  كيف ينضبط والتاريخ الهجري لا ينضبط؟!

 والأحكام الشرعية أنيطت به، وعمر رضي الله عنه جعل التاريخ به، والمسلمون تابعوه على ذلك وعملوا به، فكون الإنسان المسلم يستعمل التاريخ الإسلامي لا شك في ذلك.

 ولا نقول: إنه أولى من تاريخ النصارى بل هو المتعين، فتاريخ النصارى للنصارى، وتاريخ المسلمين للمسلمين، ومعلوم أن الناس من قديم الزمان كانوا يستعملون التاريخ الهجري،وهو منضبط، ولا إشكال في ذلك،وإنما الفرق: هل يكون الشهر تسعة وعشرين يومًا أو ثلاثين؟ والأمر في ذلك سهل.[المرجع شرح سنن أبي داود].