جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 5 أغسطس 2018

(125)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ


                    الصبر على إقام الصلاة

قال تعالى:﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)﴾[طه].

في هذه الآية:أن الصلاة تحتاج إلى صبر.

وهذا دليل على أن فيها مشقة على النفس،لهذا ربُّنا سبحانه يأمرنا بالصبر عليها.

 فمن الصبر عليها: أن يصليها في أوقاتها.

وكم من إنسانٍ لا يصلي الفريضة إلا بعد خروج وقتها.

ومن الصبر على الصلاة: القيام بأركانها وواجباتها.

وكم من مصلي ينقرُ صلاته ولا يطمئنُّ فيها،والطمأنينة ركن لا تصح الصلاة بدونها كما في حديث المسيء صلاته عند الشيخين أنه صلى ولم يطمئن فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:ارجع فصلِّ فإنك لم تصل.

وعدَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عدم الطمأنينة من صفات المنافقين كما روى الإمام مسلم (622)عن أنس بن مالك قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا».

ومن الصبر على الصلاة:الخشوع فيها فيقطع المصلي عنه التفكير وانشغال قلبه بغيرها،والخشوع لُبُّ الصلاة وروحها.قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)}[المؤمنون].

ولا يزال الله عزوجل مقبلًا على المصلي حتى يلتفت في صلاته كما روى الترمذي(2863)عن الحارث الأشعري الحديث وفيه أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلاَ تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ..الحديث.

 قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب(20): الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان.

أحدهما: التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى.

الثاني: التفات البصر وكلاهما منهي عنه.اهـ

وترك ما تقدم داخلٌ في التهديد والوعيد المذكورفي قوله سبحانه:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}.

قَالَ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ: يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ، الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَا يُصَلُّونَ فِي السِّرِّ.وَلِهَذَا قَالَ:{لِلْمُصَلِّينَ}أَيْ:الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَقَدِ الْتَزَمُوا بِهَا، ثُمَّ هُمْ عَنْهَا سَاهُونَ:

 إِمَّا عَنْ فِعْلِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.

 وَإِمَّا عَنْ فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا، فَيُخْرِجُهَا عَنْ وَقْتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا قَالَهُ مَسْرُوقٌ، وَأَبُو الضُّحَى.

وَإِمَّا عَنْ وَقْتِهَا الْأَوَّلِ فَيُؤَخِّرُونَهَا إِلَى آخِرِهِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا.

وَإِمَّا عَنْ أَدَائِهَا بِأَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ.

وَإِمَّا عَنِ الْخُشُوعِ فِيهَا والتدبر لمعانيها.

 فاللفظ يشمل هذا كله.

 ولكلِّ مَنِ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قِسْطٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ.

 وَمَنِ اتَّصَفَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، فَقَدْ تَمَّ نَصِيبُهُ مِنْهَا، وَكَمُلَ لَهُ النِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ.اهـ المراد

ومن الصبر على الصلاة:القيام بمستحباتها.

وكم من مصلٍ يتساهلُ بحجة أنَّ ترْكَ المستحب ليس بحرام،وهذا لم يصبر على صلاته،ويفوته كثير من الأجور والخير والبركة.

واعلم أن من شروط الصلاة:

العقل -التمييز-الإسلام-رفع الحدث-دخول الوقت-النية.

ومن أركان الصلاة:

تكبيرة الإحرام-قراءة الفاتحة-الطمأنينة-القيام مع القدرة.

ومن واجبات الصلاة:

الخشوع-التشهد الأول-تكبيرات الانتقال على قولٍ لأهل العلم.

ومن مستحبات الصلاة:

دعاء الاستفتاح-وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام-قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة في الركعتين الأُوليَينِ-استواء الظَّهر في الركوع من غير تقويس-الإشارة بالمسبحة في التشهد من غير تحريك.