عَنِ عبدالرحمن
بْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ
دَمِ البَعُوضِ.
فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟
فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ.
قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يَسْأَلُنِي عَنْ
دَمِ البَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ،وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«هُمَا
رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا»رواه البخاري(5994).
-------------------
(كُنْتُ
شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ)أي:حاضرًا عند ابن عمر.
(وَقَدْ
قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)يعني:الحسين بن علي بن
أبي طالب.
في هذا
الحديث من الفوائد:
·
عداوة الرافضة لأهل البيت فإنهم الذين قتلوا الحسين رضي الله عنه،وهذا
يدل على أن إظهارَهم محبة أهل البيت غير
صحيح وإنما يتسترون بحبِّ أهل البيت لأنهم يعلمون محبة الناس لأهل البيت.
قال شيخ
الإسلام في «مجموع الفتاوى»(4/419): الرَّافِضَةُ يُعَادُونَ الْعَبَّاسَ
وَذُرِّيَّتَهُ، بَلْ يُعَادُونَ جُمْهُورَ أَهْلِ الْبَيْتِ ،وَيُعِينُونَ
الْكُفَّارَ عَلَيْهِمْ .اهـ.
وقال
والدي رحمه الله في «الفواكه الجَنِيَّة»(203):الرافضة هم أعداءُ أهل البيت .
منِ الذي
خذلَ الحسنَ بنَ علي ،وقتل الحسين بن علي ؟!
منِ الذي
خذلَ الإمام علي بن أبي طالب ؟! إنه عبدالله بن سبأ وجماعةٌ من رؤوس الروافض .
منِ الذي
قتل زيد بن علي ؟
هم
الرافضة دَعَوه ،وقالوا:إن هشامَ بن عبدالملك قد ملأ الدنيا ظلمًا وجورًا فاخرج
ونحن معك فلمَّا خرج ورأى عدوَّه أمامَ عينَهُ قالُوا له: ما تقولُ في أبي بكرٍ
وعمرَ ،قال: أقولُ إنهما وزيرَا جَدِّي ولا أقولُ فيهما إلا خيرًا ،قالُوا إذَنْ
نرفضك قال :اذهبُوا فأنتمُ الرافضة .
فهم
أعداء أهلِ البيت، وهم أعداءُ دينِنا ،وهم أعداءُ أهلِ السنة يتقرَّبُون إلى الله
بدماءِ أهلِ السنة .اهـ المراد.
·
استقباح أمر الذي يسأل عن أمرٍ صغيرٍ وهو واقع في شيْءٍ أكبر،ولهذا
أنكر على السائل ابنُ عمر رضي الله عنهما .
قال ابنُ
رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم(232): هَاهُنَا
أَمْرٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ وَهُوَ أَنَّ التَّدْقِيقَ فِي التَّوَقُّفِ
عَنِ الشُّبُهَاتِ إِنَّمَا يَصْلُحُ لِمَنِ اسْتَقَامَتْ أَحْوَالُهُ كُلُّهَا،
وَتَشَابَهَتْ أَعْمَالُهُ فِي التَّقْوَى وَالْوَرَعِ، فَأَمَّا مَنْ يَقَعُ فِي
انْتِهَاكِ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَتَوَرَّعَ عَنْ
شَيْءٍ مِنْ دَقَائِقِ الشُّبَهِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ
يُنْكَرُ عَلَيْهِ ثم ذكر قول ابن عمر هذا.
وهذا
يشبه ما جاء عن بني إسرائيل لمَّا ذهب موسى عليه الصلاة والسلام إلى الميقات الذي
واعده ربه واستخلف عليهم أخاه هارون عليه الصلاة والسلام وقال له:{ اخْلُفْنِي فِي
قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)}[الأعراف].فعبد
بنوإسرائيل العجل واعتذروا لموسى بعذرٍ سخيف بيَّنه ربُّنا سبحانه في قوله:{قَالُوا
مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ
زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ(87)}[طه].
قال ابن
كثيرٍ رحمه الله في تفسير هذه الآية:قَالُوا أَيْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي جَوَابِ
مَا أَنَّبَهُمْ مُوسَى وَقَرَّعَهُمْ{مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا}أَيْ:عَنْ
قُدْرَتِنَا وَاخْتِيَارِنَا.
ثُمَّ شَرَعُوا يَعْتَذِرُونَ بِالْعُذْرِ
الْبَارِدِ، يُخْبِرُونَهُ عَنْ تَوَرُّعِهِمْ عَمَّا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ
حُلِيِّ الْقِبْطِ الَّذِي كَانُوا قَدِ اسْتَعَارُوهُ مِنْهُمْ حِينَ خَرَجُوا
مِنْ مِصْرَ.
وَحَاصِلُ
مَا اعْتَذَرَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ أَنَّهُمْ تَوَرَّعُوا عَنْ زِينَةِ
الْقِبْطِ فَأَلْقَوْهَا عَنْهُمْ وَعَبَدُوا الْعِجْلَ، فَتَوَرَّعُوا عَنِ
الْحَقِيرِ وَفَعَلُوا الْأَمْرَ الْكَبِيرَ كَمَا
جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ عبد الله بن عُمَرَ فذكر هذا الأثر اهـ المراد.
·
فضل الحسنين رضي الله عنهما.