جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

(12)تذكيرٌ بالصَّحابة رضي الله عنهم



من خصائص أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها


لم يأتِه صلى الله عليه وسلم الوحيُ في لحافِ امرأةٍ من نسائِه غيرها
روى البخاري (2581) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا، فَكَلِّمِيهِ قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: «لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إِلَّا عَائِشَةَ»، قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟»، قَالَتْ: بَلَى، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ، هَلْ تَكَلَّمُ، قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ: «إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ».


وفيه أيضًا من الفضائل والخصائص: تحرِّي الصحابة الهدايا يوم عائشة لِمَا عَلِمُوا من حُبِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياها .

وفيه:وجوب محبة أم المؤمنين عائشة لقوله لفاطمة:«يَا بُنَيَّةُ أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟».



لم يحبْ أحدًا من النساء مثلَها
روى البخاري (3662) ،ومسلم (2384) عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ» فَعَدَّ رِجَالًا.


لم يتزوج بِكرًا غيرها
قال البخاري: بَابُ نِكَاحِ الأَبْكَارِ ،ثم أخرج (5077)عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: «فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا».

تعني: أن لها مزيَّةً على ضرائرِها ، إذ لم يتزوج النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بكرًا سواها ،وقد ضربَت لذلك مثلًا بشجرةٍ  لم يُؤكَل منها.


من فضائلها  وبركاتها  نزول آية التيمم
قَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ .
سعة علمها 
قال ابن القيم في «زاد المعاد» (1/103):هِيَ أَفْقَهُ نِسَائِهِ وَأَعْلَمُهُنَّ، بَلْ أَفْقَهُ نِسَاءِ الْأُمَّةِ وَأَعْلَمُهُنَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجِعُونَ إِلَى قَوْلِهَا وَيَسْتَفْتُونَهَا. اهـ.

 وقال ابن كثير في «الفصول في سيرة الرسول»:ولا يُعلَم في هذه الأمةِ امرأةٌ بلغتْ من العلم مبلَغها.

وقال الحافظ في «فتح الباري»(شرح تبويب حديث رقم 3768 ):وَكَانَ مَوْلِدُهَا فِي الْإِسْلَام قبل الْهِجْرَة بثمان سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا ،وَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهَا نَحْوُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا ،وَقَدْ حَفِظَتْ عَنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَعَاشَتْ بَعْدَهُ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْأَخْذَ عَنْهَا وَنَقَلُوا عَنْهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ شَيْئًا كَثِيرًا ،حَتَّى قِيلَ:إِنَّ رُبْعَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْقُولٌ عَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَكَانَ مَوْتُهَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا .اهـ


قلت:وهي ممن روى فوق الألف من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، مع قلة المدة التي عاشتها مع الرسول فقد عاشت معه تسع سنين لا غير ،والبركة من الله، وفي كلام الحافظ ابن حجر: أن من الأسباب التي ساعدت على نشر عائشة للعلم تأخر وفاتها بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ عاشت بعده مدةً طويلة ،مع ما وهب الله لها من محبة العلم والهمة العالية والذكاء والفهم الدقيق:﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) ﴾[البقرة].



قال الزركشي في الإجابة لما استدركت عائشة على الصحابة(19)-في سياق خصائصها:نزول براءتها من السماء بما نَسَبَهُ إِلَيْهَا أَهْل الْإِفْك فِي سِتِّ عَشْرَةَ آية متوالية،وشهد الله لها بأنها مِنَ الطَّيِّباتِ وَوَعَدَهَا بِالْمَغْفِرَةِ وَالرِّزْقِ الْكَرِيْمِ ،وَانْظُرْ تَوَاضُعَهَا وَقَوْلهَا:(وَلَشَأْنِيْ فِي نَفْسِيْ كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِوَحْيٍ يُتْلَى) .اهـ


مات صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة
روى البخاري (1389)، ومسلم (2443) عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،  أنها قَالَتْ: «إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ: أَيْنَ أَنَا اليَوْمَ، أَيْنَ أَنَا غَدًا اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَدُفِنَ فِي بَيْتِي».



هذه نُبذة  من الخصائص فخابت الرافضة الذين يطعنون في أم المؤمنين عائشة زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)﴾[الكهف].



اللهم إنا نتوسَّلُ إليكَ بحبِّنا لأم المؤمنين عائشة وسائر أمهات المؤمنين ،وكذا نتوسل إليكَ بمحبتنا لجميع الصحابة أن تُذِلَّ الرفض وأهلَه ولا تقيم لهم قائمة في بلادنا اليمنية وسائر بلاد المسلمين.