جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 22 أكتوبر 2017

(43) دُرَرٌ مِنَ النَّصَائِحِ



                       فضل ماء زمزم

قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد(4/359):
سَيِّدُ الْمِيَاهِ وَأَشْرَفُهَا وَأَجَلُّهَا قَدْرًا وَأَحَبُّهَا إِلَى النُّفُوسِ وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ النَّاسِ، وَهُوَ هَزْمَةُ جِبْرِيلَ** وَسُقْيَا اللَّهِ إِسْمَاعِيلَ.

 وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ«عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ لأبي ذر وَقَدْ أَقَامَ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا أَرْبَعِينَ مَا بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ»،وَزَادَ غَيْرُ مسلم بِإِسْنَادِهِ «وَشِفَاءُ سُقْمٍ» .

وَفِي  سُنَنِ ابْنِ مَاجَة مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:«مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ».  وَقَدْ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ طَائِفَةٌ بعبد الله بن المؤمل رَاوِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. 

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ، أَتَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابن أبي الموالي حَدَّثَنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:«مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ». وَإِنِّي أَشْرَبَهُ لِظَمَأِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وابن أبي الموالي ثِقَةٌ، فَالْحَدِيثُ إِذًا حَسَنٌ، وَقَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مَوْضُوعًا، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فِيهِ مُجَازَفَةٌ.

وَقَدْ جَرَّبْتُ أَنَا وَغَيْرِي مِنَ الِاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ أُمُورًا عَجِيبَةً، وَاسْتَشْفَيْتُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ أَمْرَاضٍ، فَبَرَأْتُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَشَاهَدْتُ مَنْ يَتَغَذَّى بِهِ الْأَيَّامَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَجِدُ جُوعًا، وَيَطُوفُ مَعَ النَّاسِ كَأَحَدِهِمْ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ رُبَّمَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكَانَ لَهُ قُوَّةً يُجَامِعُ بِهَا أَهْلَهُ، وَيَصُومُ وَيَطُوفُ مِرَارًا.اهـ

قال النووي رحمه الله في المجموع(8/270):قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ :يُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ أَيْ: يَتَمَلَّى.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَطْلُوبَاتِهِ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا.اهـ

استفدنا مما تقدم:

فضلُ ماء زمزم.

الحرص على شُرب ماء زمزم وأنه لما شُرِب له.

فمن شرِبَه بنية الحفظ والفهم والعلم أعطاه الله.
.. بنية العافية شفاهُ الله.
.. بنية  الثبات على الحق أعطاه الله.


.. بنية التوفيق والرحمة وفَّقه ربُّه ورحمه.

.. بنية زوال الكُربة وكشف الغُمَّة فرَّج الله عنه.
.. بنيَّة القناعة من هذه الدنيا وأوساخِها رزقه الله القناعة.
وهكذا..وهذا من فضل الله ورحمته بعباده.



-----------

**هَزْمَة جبريل: بفتح الهاء وسكون الزاي وفتح الميم، من هزمه يهْزِمُه إذا غمزه بيده فصارت فيه حُفرة، فالهزمة موضع الهزم، أي: الغمز والضرب. «الإعلام الملتزم بفضيلة زمزم»(17).