جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 28 سبتمبر 2017

(9)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي

                        
                                النهمة في العلم

ينبغي لكلِّ طالب علم  وطالبة علم الحرص على تعلُّم العلم والتزود منه ،قال الله سبحانه: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114))[طه].

وقال الإمام البخاري في كِتَابِ العِلْمِ، بَابُ الحِرْصِ عَلَى الحَدِيثِ، ثم أخرج حديث  أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ برقم(99) قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ».

وليستكثرْ من العلم ولا يشبع منه ،ولا يرضى بالقليل منه وهو قادرٌ على الكثير. روى الحاكم في «المستدرك» (312)عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: مَنْهُومٌ فِي عِلْمٍ لَا يَشْبَعُ، وَمَنْهُومٌ فِي دُنْيَا لَا يَشْبَعُ».

وروى البخاري (7418)عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: إِنِّي عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: «اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ»، قَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: «اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أَهْلَ اليَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ»، قَالُوا: قَبِلْنَا، جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ، قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ»، ثُمَّ أَتَانِي رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُهَا، فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ.

وهذا دليلٌ على حرص عمران بن حصين على العلم تمنى أنه بقي يسمع العلم ولم يخرجْ لطلب ناقته ولو فاتته.

وروى الخطيب في «شرف أصحاب الحديث»(ص115)من طريق أَبي كَامِلٍ مُظَفَّرِ بْنِ مُدْرِكٍ قَالَ: « ذَكَرُوا لِشُعْبَةَ حَدِيثًا، لَمْ يَسْمَعْهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: وَاحُزْنَاهُ».

فالسلف لهمتهم  العالية ولمعرفتِهم قدرَ العلم ومنزلته الرفيعة كان يشقُّ عليهم أن يفوتهم شيءٌ من العلم.

وفي هذا الأثر شُعْبَةُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ يحزن على فوات العلم ويقول: (وَاحُزْنَاهُ): الواو حرف ندبة، والمندوب هو: المنادى المتفجَّع عليه أو المتوجَّع منه.

عكسُ أهل زماننا -إلا من رحم ربي-حزنهم وتألُّمُهُم على فوات دنيا فانية ولذَّاتٍ منغصَة.

ولو علموا فضلَ العلم ولذَّتَه وسعادتَه لما غفلوا عن هذا الزاد الحقيقي، ولتلهَّفت قلوبُهم إلى هذه السعادة وهذا النعيم وهذه الراحة ،ولتحسَّروا على كلِّ الأوقات الضائعة.

فاللهم نسألُك أن ترْزُقَنا العلم النافع والعمل الصالح وأن تكفينا فتنة المحيا والممات.