جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 23 أبريل 2017

(5) أحاديثُ منتقاةٌ من أحاديثِ البخاري ومسلم

            
                       تآلف الأرواح وافتراقُها

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» .رواه مسلم(2638).
ورواه البخاري معلَّقًا (3336)عن عائشة رضي الله عنها.

-----------------------
هذا الحديث فيه دليل على تنافرالأراوح  مع غير أشكالها،واتفاقها  مع أشكالها ،وفي المثل: الطيور على  أشكالها تقع

قال الحافظ ابن كثير في«تفسير سورة الكهف»(4/424):الناس يقولون :اﻟْﺠِﻨْﺴِﻴَّﺔُ ﻋِﻠَّﺔُ اﻟﻀَّﻢِّ.اهـ

أي علة الاجتماع والأُلْفة ،فالسني يحب السني ،والصوفي يحب الصوفي ،والإخواني يحب الإخواني، والمبتدع يحب المبتدع ،والعاصي يحب العاصي ،والمتميِّع يحب من كان على شاكلته ،والخبيث يحب الخبيث،والطيب يحب الطيب .وهكذا حتى الحيوانات: كل حيوان ينضم إلى جنسه .

قال ابن القيم في«إغاثة اللهفان»(1/225):كل امرئ يصبو إلى ما يناسبه، ويميل إلى ما يشاكله، والجنسية علة الضم قدرًا وشرعًا، والمشاكلة سبب الميل عقلًا وطبعًا. 

وقال ابن القيم في«زاد المعاد»(4/247):قَدِ اسْتَقَرَّتْ حِكْمَةُ اللَّهِ  عَزَّ وَجَلَّ  فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ عَلَى وُقُوعِ التَّنَاسُبِ وَالتَّآلُفِ بَيْنَ الْأَشْبَاهِ، وَانْجِذَابِ الشَّيْءِ إِلَى مُوَافِقِهِ وَمُجَانِسِهِ بِالطَّبْعِ، وَهُرُوبِهِ مِنْ مُخَالِفِهِ، وَنُفْرَتِهِ عَنْهُ بِالطَّبْعِ، فَسِرُّ التَّمَازُجِ وَالِاتِّصَالِ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، إِنَّمَا هُوَ التَّنَاسُبُ وَالتَّشَاكُلُ، وَالتَّوَافُقُ، وَسِرُّ التَّبَايُنِ وَالِانْفِصَالِ إِنَّمَا هُوَ بِعَدَمِ التَّشَاكُلِ وَالتَّنَاسُبِ، وَعَلَى ذَلِكَ قَامَ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، فَالْمِثْلُ إِلَى مِثْلِهِ مَائِلٌ، وَإِلَيْهِ صَائِرٌ، وَالضِّدُّ عَنْ ضِدِّهِ هَارِبٌ وَعَنْهُ نَافِرٌ.اهـ

ولهذا حالُ الشخص  يُعرَفُ بأصحابه .

قال ابن حبان رحمه الله في«روضة العقلاء»(108): إن من أعظم الدلائل على معرفة مَا فيه المرء من تقلبه وسكونه هو الاعتبار بمن يحادثه ويوده لأن المرء على دين خليله، وطير السماء على أشكالها تقع.
وما رأيت شيئا أدل على شيء ولا الدخان على النار مثل الصاحب على الصاحب ،وأنشدني الأبرش:

يُقَاسُ الْمَرْءُ بِالْمَرْءِ ..إِذَا مَا هُوَ مَاشَاهُ
 وَللشَيْءِ عَلَى الشَّيْءِ.. مَقَايِيسُ وَأَشْبَاهُ
 وَلِلرُّوحِ عَلَى الرُّوحِ ..دَلِيلٌ حِينَ يَلْقَاهُ

اهـ من روضة العقلاء .

ومن أحبَّ شخصًا فهو يحبُّه ،ومن أبغضه فهو يبغضه غالبًا،كما يدلُّ له حديث أبي هريرة المذكور.

فائدة:

الحديث المعلَّق :أن يحذف المؤلفُ شيخَه فأكثر.