جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 21 أبريل 2017

(110)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ

              
                           حكم خضاب  الشعر بالأسود

روى مسلم  (2102) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ».
في هذا الحديث:
الحث على تغيير الشيب .
اجتناب تغيير الشيب بالسواد ،سواء كان حناء أسود أو خضاب آخر.

 وروى أبو داود(4212) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ، كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ».
وفي هذا الحديث :
الوعيد على الخضاب بالسواد وأنه من الكبائر.

وما أحسن ما قيل:
نُسَوِّدُ أَعْلَاهَا وَتَأْبَى أُصُولُهَا ... وَلَا خَيْرَ فِي الْأَعْلَى إِذَا فَسَدَ الْأَصْلُ

وما أسوأ التزيُّن بما فيه معصية لربِّ العباد !

وما أسوأ استحلاء النفس لمعصية الله !

وقد شُرع تغيير الشيب بخضاب غير السواد  كالحناء والكتم  والصُّفرة .
روى البخاري(3919) عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالحِنَّاءِ، وَالكَتَمِ».
وروى البخاري (166)، ومسلم (1187)عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قَالَ: وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ: رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ(**) ،الحديث وفيه:وَأَمَّا الصُّفْرَةُ: فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا».

فائدة :
قال ابن الجوزي في«كشف المشكل من حديث الصحيحين»(3/293)خضاب الشيب فيه ثَلَاث فَوَائِد:

 إِحْدَاهَا: امْتِثَال أَمر الشَّارِع .

 الثَّانِيَة: تخْتَص الْمَرْأَة، وَالنِّسَاء يَكْرهن الشيب جدا، فَإِذا غُيِّر كَانَ أقرب حَالا عِنْدهن وَأصْلح لمعاشرتهن.

 الثَّالِثَة: تخْتَص بِالرجلِ وَهُوَ أَن الشيب يُؤثر فِيهِ صُورَة وَمعنى، فَأَما الصُّورَة فيشينُه، وَلِهَذَا قَالَ أنس فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا شانَه الله ببيضاء. فَقيل لَهُ: أَوَ شين هُوَ؟ فَقَالَ: كلكُمْ يكرههُ. وَأما فِي الْمَعْنى فَإِنَّهُ يضعف الأمل، وَيقطع الْقلب، لعلم الْإِنْسَان بِقرب الْأَجَل.اهـ


(**)الصفرة: قال القاري في«مرقاة المفاتيح»(7/2829): أَيْ: بِخَلْطِ الْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ .