جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 17 مارس 2017

(38) دُرَرٌ مِنَ النَّصَائِحِ

    
             سكر الهوى والدُّنيا أعظم من سُكر الخمر

قال ابن القيم رحمه الله في «الجواب الكافي»(120):

فَالْمُعْرِضُ عَنْهُ لَهُ مِنْ ضَنْكِ الْمَعِيشَةِ بِحَسَبِ إِعْرَاضِهِ.

 وَإِنْ تَنَعَّمَ فِي الدُّنْيَا بِأَصْنَافِ النِّعَمِ.

 فَفِي قَلْبِهِ مِنَ الْوَحْشَةِ وَالذُّلِّ وَالْحَسَرَاتِ الَّتِي تَقْطَعُ الْقُلُوبَ، وَالْأَمَانِي الْبَاطِلَةِ وَالْعَذَابِ الْحَاضِرِ مَا فِيهِ.
 وَإِنَّمَا يُوَارِيهِ عَنْهُ سَكَرَاتُ الشَّهَوَاتِ وَالْعِشْقِ وَحُبِّ الدُّنْيَا وَالرِّيَاسَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ سُكْرُ الْخَمْرِ.

 فَسُكْرُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْظَمُ مِنْ سُكْرِ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ يَفِيقُ صَاحِبُهُ وَيَصْحُو، وَسُكْرُ الْهَوَى وَحُبِّ الدُّنْيَا لَا يَصْحُو صَاحِبُهُ إِلَّا إِذَا كَانَ صَاحِبُهُ فِي عَسْكَرِ الْأَمْوَاتِ .اهـ

استفدنا من هذه النصيحة:

التحذير من الإعراض عن دين الله ،قال تعالى:﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)﴾[طه].

أن المعرض عن دين الله في وحشة عظيمة ولكنه قد لا يشعر لأنه يُغطِّي ذلك سُكْر الشهوات والدُّنيا وحب الرئاسة.

إطلاق السُّكر على بعض الأمور غير سُكر الخمر بجامع ما بينهما من تغطيةِ العقل والاستحكام فيه .

أن سُكر هذه الأمور أشد من سُكر الخمر -وإن كان الناس لا يدركون ذلك- لأنه لا يفيق إلا إذا كان وقت سكرات الموت ،كما قال سبحانه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100]


-السبب في كون سُكْرِها أعظم وأشد من سُكْر الخمر أن سُكرَها  مستمر ،بخلاف سُكْر الخمر فقد يصحو منه .والله أعلم .