جديد الرسائل

السبت، 17 ديسمبر 2016

(30) دُرَرٌ مِنَ النَّصَائِحِ

                   
                     علاجُ الخلاف بين أهل السنة

قال والدي الشيخ مقبل رحمه الله في «نصيحتي لأهل السنة»:
علاج الاختلاف الناشئ بين أهل السنة المعاصرين:
إن الاختلاف الناشئ بين أهل السنة يزول بإذن الله بأمور:
 منها: تحكيم الكتاب والسنة ، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ﴾  [النساء:59] ، وقال تعالى: ﴿ ومَا اخْـتَـلَـفْـتُـمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ ﴾[الشورى:10]، وقال سبحانه وتعالى:  ﴿ وإذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ولَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وإلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ولَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إلاَّ قَلِيلًا﴾  [النساء:83].
 ومنها: سؤال أهل العلم من أهل السنة ، قال الله سبحانه وتعالى:﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾  [النحل:43]،  ولكن بعضُ طلبة العلم رضي بما عنده من العلم، وأصبح يجادل به كلَّ من يخالفه ، وهذا سبب من أسباب الفرقة والاختلاف. روى الإمام الترمذي في جامعه عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه  وعلى آله وسلم :«مَا ضَلَّ  قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجَدَلَ» ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزخرف: 58] .
 ومنها: الإقبالُ على طلبِ العلم ، فإذا نظرت إلى قصورِك بل إلى أنك لست بشيء إلى جانب العلماء المتقدمين ،  كالحافظ ابن كثير ، ومن تقدمه من الحفاظ المبرزين في فنونٍ شتى  إذا نظرت إلى هؤلاء الحفاظ شُغلت بنفسك عن الانتقاد على الآخرين.
 ومنها: النظرُ في اختلاف الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم من العلماء المبرزين إذا نظرت إلى اختلافهم حملتَ مخالفَك على السلامة ، ولم تطالبه بالخضوع لرأيك ، وعلمت أنك بمطالبته بالخضوع لرأيك تدعوه إلى تعطيل فهمِه وعقله، وتدعوه إلى تقليدِك، والتقليد في الدين حرام ، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ولا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ  [الإسراء:36] إلى غير ذلك من الأدلة المبسوطة في كتاب الشوكاني«القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد».
 ومنها: النظر إلى أحوال المجتمع الإسلامي ،وما تحيط به من الأخطار أعظمها جهل كثير من أهله به ، وإنك إذا نظرتَ إلى المجتمع الإسلامي شُغلت عن أخيك الذي يخالفك في فهمك ، وقدَّمت الأهم فالأهم ، فإن النبي صلى الله عليه آله وسلم  عِندَما أَرسلَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، قَالَ له: « أَوَّل مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم»متفق عليه من حديث ابن عباس.
إلى أن قال رحمه الله:(وينبغي)قطعُ ألسنة الحاقدين على أهل السنة الذين يسخرون منهم ، ويقولون: إنهم يختلفون في الشيءِ التافه ، وينفرُّون عنهم ، ويلمزونهم بما ليس فيهم ، شأن المبتدعة وذوي الأهواء في كل مكان وزمان أنهم ينفرون عن أهل السنة ، وقد ساق عنهم ابن قتيبة  رحمه الله في كتابه «تأويل مختلف الحديث» الشيء الكثير من السُّخرية بأهل السنة ، وقد مات النَّظام ، وأبو الهذيل ، وغيرهما من أعداء السنة ، وبقيت سنةُ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم  بيضاء صافية لم يضرها سخريتُهم ، وسيموت أعداءُ السنة المعاصرون وتبقى سنة رسول الله  صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لأنَّ الله تضمن بحفظها فقال:﴿إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾[الحجر:9] والذكر يشمل الكتاب والسنة ؛ إذ كلاهما وحيٌّ من عند الله سبحانه وتعالى:﴿ ومَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى. إنْ هُوَ إلاَّ وحْيٌ يُوحَى﴾  [النجم:3-4]. وقال النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم :«أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ» .
هذا ، ولسنا نطالبُ أهلَ السنة المعاصرين ألَّا يختلفوا في صحة الحديث وتضعيفه ، وألَّا يختلفوا في فهم الأدلة ، فإن هذا أمر قد اختلف فيه سلفُهم ، رحمهم الله ، كما هو معروف من سيرتهم.اهـ