جديد الرسائل

الأحد، 20 نوفمبر 2016

(14) مِنْ جَوَامِعِ الأَدْعِيَةِ



         دعاء :اللهم اهدني وسددني .



عَنْ عَلِيٍّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ، بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ، سَدَادَ السَّهْمِ» .رواه مسلم (2725).

قال النووي رحمه الله في «شرح صحيح مسلم»:أَمَّا السَّدَادُ هُنَا بِفَتْحِ السِّينِ ،وَسَدَادُ السَّهْمِ تَقْوِيمُهُ .
وَمَعْنَى سَدِّدْنِي :وَفِّقْنِي وَاجْعَلْنِي مُنْتَصِبًا فِي جَمِيعِ أُمُورِي مُسْتَقِيمًا، وَأَصْلُ السَّدَادِ الِاسْتِقَامَةُ وَالْقَصْدُ فِي الْأُمُورِ .

وَأَمَّا الْهُدَى هُنَا فَهُوَ الرَّشَادُ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ .

وَمَعْنَى «اذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقِ والسداد سداد السهم»: أي تذكَّر ذلك فِي حَالِ دُعَائِكَ بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، لِأَنَّ هَادِيَ الطريق لايزيغ عَنْهُ ،وَمُسَدَّدَ السَّهْمِ يَحْرِصُ عَلَى تَقْوِيمِهِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ رَمْيُهُ حَتَّى يُقَوِّمَهُ .

وَكَذَا الدَّاعِي: يَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصَ عَلَى تَسْدِيدِ عِلْمِهِ وَتَقْوِيمِهِ وَلُزُومِهِ السُّنَّةَ .اهـ



وهذا الدعاء العظيم فيه من الفوائد:

1-سؤالُ الله الهداية ،وهذا من أعظم الأدعية ،ولعِظَمِ هذا الدعاء في كلِّ ركعةٍ يسألُ المصلي ربَّه أن يرزقَه الهدايةَ ،ويقول: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ .

2- من أدعية الثبات على دين الله.

قال الحافظ ابن كثير في تفسير سورةِ الفاتحة : فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْأَلُ الْمُؤْمِنُ الْهِدَايَةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ؟ فَهَلْ  هَذَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ أَمْ لَا؟

فَالْجَوَابُ: أَنْ لَا ،وَلَوْلَا احْتِيَاجُهُ لَيْلًا وَنَهَارًا إِلَى سُؤَالِ الْهِدَايَةِ لَمَا أَرْشَدَهُ اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ مُفْتَقِرٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَحَالَةٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي تَثْبِيتِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ، وَرُسُوخِهِ فِيهَا، وَتَبَصُّرِهِ، وَازْدِيَادِهِ مِنْهَا، وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَرْشَدَهُ تَعَالَى إِلَى أَنْ يَسْأَلَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَنْ يَمُدَّهُ بِالْمَعُونَةِ وَالثَّبَاتِ وَالتَّوْفِيقِ، فَالسَّعِيدُ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِسُؤَالِهِ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ بِإِجَابَةِ الدَّاعِي إِذَا دَعَاهُ، وَلَا سِيَّمَا الْمُضْطَرُّ الْمُحْتَاجُ الْمُفْتَقِرُ إِلَيْهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نزلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزلَ مِنْ قَبْلُ ﴾الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 136] ، فَقَدْ أَمَرَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْإِيمَانِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الثَّبَاتُ وَالِاسْتِمْرَارُ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْأَعْمَالِ الْمُعِينَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ

3-سؤال الله السداد .

4-ويشتملُ الدعاء على سؤالِ الله الحفظَ والسلامة من المعاصي والفتن ،واجتناب كلِّ ما يكرهه الله ويسخطُه،وفعل كلِّ ما يحبه الله ويرضاه.