جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 27 أغسطس 2016

(87)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ


                      العُجْب وبعض أضراره

قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة:25].

وروى أحمد في « مسنده» (18933) عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ أَيَّامَ حُنَيْنٍ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ نَبِيًّا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَعْجَبَتْهُ أُمَّتُهُ، فَقَالَ: لَنْ يَرُومَ هَؤُلَاءِ شَيْءٌ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ خَيِّرْهُمْ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ، أَوِ الْجُوعَ، أَوِ الْمَوْتَ»، قَالَ: «فَقَالُوا: أَمَّا الْقَتْلُ أَوِ الْجُوعُ، فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَلَكِنِ الْمَوْتُ» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَاتَ فِي ثَلَاثٍ سَبْعُونَ أَلْفًا» ، قَالَ: فَقَالَ: «فَأَنَا أَقُولُ الْآنَ: اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ».والحديث في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (1/274) لوالدي رَحِمَهُ اللَّهُ.
وأهل العلم  يحذِّرون  من العُجْب وخاصَّةً طالب  العلم ، فلا يُعجب بحفظه، ولا بفهمِه، ولا بذكائه ،ولا بعلمه.
العُجْب جهلٌ روى أبوخيثمة في «العلم» (15)عن مسروق قال: بحسب الرجل من العلم أن يخشى الله عز وجل ،وبحسب الرجل من الجهل أن يعجب بعلمه. والأثر صحيح.
بحسب :أي يكفيه من الجهل .
العُجْبُ هلكة ومن أشدِّ المصائب ثبت عن الفضيل بن عياض قال: آفَة الْعلم النسْيَان وَآفَة العِزِّ الْعجب. أخرجه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/292).
وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (18/192): فَمَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِلعمل كَسره العِلْمُ، وَبَكَى عَلَى نَفْسِهِ، وَمِنْ طلب العِلْم لِلمدَارس وَالإِفتَاء وَالفخر وَالرِّيَاء، تحَامقَ، وَاختَال، وَازدرَى بِالنَّاسِ، وَأَهْلكه العُجْبُ، وَمَقَتَتْهُ الأَنْفُس* {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10)} [الشَّمْس] أَي دسَّسَهَا بِالفجُور وَالمَعْصِيَة).اهـ.
العُجْبُ يمحق بركة العلم وهذا من آفات العُجْب
قال الشاعر:
الْمَالُ آفَتُهُ التَّبْذِيرُ وَالنَّهْبُ  * * *  وَالْعِلْمُ آفَتُهُ الْإِعْجَابُ وَالْغَضَبُ.
 مرجع البيت «جامع بيان العلم وفضله» (1/569).
 والنفس تحتاج إلى تأديب ومعالجة فإن رأى منها العُجْب كسرَها -نسأل الله أن يعيننا-وذكَّرها بضعفها وعجزها وما يترتبُ على العُجْب من الضرر في العاجل والآجل .
قال ابن الجوزي في «صيد الخاطر» (295): والعَجَبُ كلَّ العجب ممن يرى نفسه! أتراه بماذا رآها؟! إن كان بالعلم؛ فقد سبقه العلماء، وإن كان بالتعبُّد، فقد سبقه العُبَّاد، أو بالمال، فإن المال لا يوجب بنفسه فضيلة دينية.اهـ.

 وإن رأى منها ضعفًا ووهْنًا رَفعها وقوَّاها حتى ترتفع المعنوية ويحصل النشاط على الخير.  يقول والدي الشيخ مقبل الوادعي رَحِمَهُ اللَّهُ: دارِ نفسَك ولو بحبَّة حلوى.اهـ.