جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 6 يوليو 2016

(24)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ


               الحث على صيام ستٍ من شوال

أخرج مسلم (1164)عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».
في هذا الحديث من الفوائد
1-تأكيد استحباب صيام ست من شوال .
وقد ذهب إلى ذلك أحمد والشافعي، وعزاه ابن قدامة في «المغني»  (2132)إلى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وقال مَالِك في«الْمُوَطَّأِ »(1/330) : فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ: إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا، وَلَمْ يَبْلُغْه ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ، وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ أهل الْجَفَاءِ وَأَهْلُ الْجَهَالَةِ، مَا لَيْسَ فيهُ لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً من أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ.
 قال النووي رحمه الله في «شرح صحيح مسلم» (8/56)متعقِّبًا لهذا القول:
وَإِذَا ثَبَتَتِ السُّنَّةُ لَا تُتْرَكُ لِتَرْكِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ لَهَا .
وَقَوْلُهُمْ قَدْ يُظَنُّ وُجُوبُهَا يُنْتَقَضُ بِصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّوْمِ الْمَنْدُوبِ .اهـ.
2-فضل الله ومنَّتُه على عباده فقد جعل صيام رمضان وست من شوال كصيام الدهر أي صيام سنة كاملة لأن الحسنة بعشر أمثالها ،فصيام رمضان كصيام عشرة أشهر، وصيام ست من شوال كصيام شهرين ،فمن صام ستًّا من شوال كمن صام ستين يومًا .
فسبحان ربنا الكريم البَرِّ اللطيف  واسع الرحمة والمغفرة كيف تتعاقب وتتوالى على العباد النِّعَمُ والفضائلُ وتيَسُّرطريق الجنة لمن ابتغاها .
وصيام الست كراتبة الصلاة البعدية .
وهي من مكملات نقص الصيام كسائر النوافل مكمِّلة لنقص الفرائض .روى الترمذي (413)عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: <إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ>.

ومن علامة قبول العبادة التقرب إلى الله بعبادة أخرى قال ابن رجب رحمه الله في «لطائف المعارف» (224): من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها فعلامة قبولها أن يصلها بطاعة أخرى ،وعلامة ردِّها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية، ما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحوها ،وأحسن منها بعد الحسنة تتلوها ،وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها وتعفوها ، سلوا الله الثبات على الطاعات إلى الممات ،وتعوذوا به من تقلب القلوب ومن الحور بعد الكور.اهـ المراد.