جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 26 مارس 2016

(34) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

               
          بعض الصفات والأسماء لله عزوجل

 قال الله جل ذكره: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: 88].
وقال سبحانه :{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) ﴾ [الرحمن].
وأخرج البخاري (7406)عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ [الأنعام: 65]، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»، فَقَالَ: ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ [الأنعام: 65]، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»، قَالَ: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ [الأنعام: 65]، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا أَيْسَرُ».

وفي صحيح مسلم (179) عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ- أوالنَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» .

)
سُبُحَاتُ وَجْهِهِ) أي: نوره وبهاؤه.

وفي سنن أبي داوود (466)من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». وهوفي الجامع الصحيح للوالد  (805(

وهذا فيه رد على من يفسِّر الوجهَ بالذات، لأنه في الحديث «أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ». هذا فيه  إثبات الذات لله عز وجل، «وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ» .هذا فيه إثبات صفة الوجه لله، فذكرَ الذات ثم الصفة.

وهذا الحديث من الأدعية عند دخول المسجد.

وصفة الوجه من الصفات الذاتية لله عز وجل. صفة الوجه غير الذات، والمؤولون يؤولون هذه الصفة كما هو عادتهم في التأويل فقالوا: الوجه الذات، أوالثواب، أو الجهة. يؤولونها بالذات لأنهم ما ينكرون الذات، أوالثواب يقولون: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص:88] يعني ثوابه،  أو الجهة وعلى أحد التفاسير في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:115] أن المراد بالوجه الجهة، كقوله تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا) (البقرة: الآية 148). وبعضهم قال : المراد بوجه الله وجه الله الحقيقي. يراجع  شرح العقيدة السفارينية 252 للشيخ ابنِ عُثيمين رحمه الله .

-
نثبت صفة الوجه لله عز وجل لا كوجه المخلوق لأن الله عزوجل يقول:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11]. لا نفهم التشبيه، ولا نؤول صفات الله اللائقة به ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

هناك قولٌ لبعض المبتدعة أن المراد بقوله سبحانه:﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: 88] لا يبقى إلا وجهُ الله لهذه الآية، والباقي يهلَك (نعوذ بالله من قولهم)، هذا ليس هو المراد من الآية. فالمراد  أي: إلا الذات المتصفة بالوجه كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح السفارينية .

ونستفيد من الآيتين المتقدمتين  إثبات صفة الحياة لله عز وجل.
ومن أسماء الله :الحي قال سبحانه: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة:255].
 وقال سبحانه:﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان:58]. وصفة الحياة من الصفات الذاتية.
نثبت صفة الحياة لله عز وجل أزلًا وأبدًا، فحياة الله عز وجل لم يسبقها عدم ، ولا يلحقها فناء.

ونستفيد من قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾، إثبات اسم القادر لله عز وجل، والقادر فيه إثبات صفة القدرة لله عز وجل ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة:284].

وقد فسَّر الإمام أحمد القدرَ أنه قدرة الله ؛ لأن إثبات القدر والإيمان بالقدر وأن الله خالق أفعال العباد يدل على إثبات قدرة الله عز وجل.

والإنسان يتذكر إذا ظُلِم أن من أسماء الله عز وجل القادر، فالله عز وجل قادر أن يدفع عنه،ومن أسمائه القاهر، القوي ، العزيز ،الجبَّار. ولكن هذا ابتلاء لحكمةٍ أرادها الله عز وجل.

ويتذكر إذا انبعث في نفسه الظلمُ أن الله قادر أن ينتقم منه، وثبت في صحيح مسلم (1659) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ،

فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي، «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ»، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا. والله عز وجل يمهل الظالم فإذا أخذه لم يفلته ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: 102].