مسألة
عصمة الأنبياء من الذنوب
جواب
الشيخ :الأنبياء معصومون من الكبائر ،وليسوا معصومين من الصغائر قال سبحانه :{ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)
ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى }.
وقال
سبحانه :{ فَاسْتَغَاثَهُ
الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى
عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ
(15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)}.
وألقى
يونس نفسه في البحر فالتقمه الحوت وهو مليم : ﴿فَنَادَى
فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء:87].
وفي
«صحيح البخاري» (6398)و«صحيح مسلم» (2719) من حديث
أبي موسى الأشعري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي
وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ، وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي، وَكُلُّ
ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا
أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
النبي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول (وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي).
إلى غير ذلك من الأدلة التي يستدل بها رحمه الله على هذه المسألة .
إلى غير ذلك من الأدلة التي يستدل بها رحمه الله على هذه المسألة .
وقد قلت
لوالدي رحمه الله : موسى عليه السلام قَتل نفسا أليس هذاكبيرة؟.
فقال :لا
، موسى عليه السلام قَتل نفسًا كافرة ،وعدَّه ذنبًا لأنه ما أُمِرَ بقتلها .اهـ.
----
قلت:
قال ابن عطية رحمه الله في تفسيرسورة النمل في قصة موسى : وأجمع العلماء أن
الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي هي رذائل .واختلف فيما
عدا هذا.
وقال
النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم في تلخيصه لكلام القاضي عياض من كتابه الشفا في
شرحه لحديث الشفاعة : لَا
خِلَافَ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنَ الصَّغَائِرِ الَّتِي تزرى بفاعلها وتحط
منزلته وتسقط مروءته
.اهـ.
وقال
شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى(4/ 319):
فَإِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ
دُونَ الصَّغَائِرِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَجَمِيعِ
الطَّوَائِفِ حَتَّى إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ كَمَا ذَكَرَ
" أَبُو الْحَسَنِ الآمدي " أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ
الْأَشْعَرِيَّةِ وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ
وَالْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ ..
ثم وقوع
الذنب من الأنبياء في أمورٍ تقتضيه الطبيعة البشرية وهو نادرٌ جدًا ،ومن أذنب منهم
فإن الله لا يقرُّه، ومن أذنب بادر
بالتوبة فما ذكر الله نبيًا أذنب إلا وقرنه بالتوبة .
فاستفدنا
:عصمة الأنبياء من الكبائر كالكذب والفواحش وغيرها بالإجماع .
عصمة
الأنبياء من الصغائر الرذيلة بالإجماع .
عصمة
الأنبياء عن المعاصي الصغائر غير الرذيلة فيه خلاف، وجمهور العلماء على وقوعه لما
تقدم من الأدلة وما أشبهها.
ومن نفى وقوع الذنب
مطلقًا فقد تأولوا الأدلة على وقوعها خطأً أونسيانًا لاستعظامهم وقوع الذنب من
الأنبياء
وقد ردَّ عليهم شيخ الإسلام وغيره .
ونستفيد من معرفة هذه المسألة التأسي بالأنبياء
في تعظيم الله عز وجل، والتحسر من وقوع الذنب، والمبادرة إلى الإنابة والاستغفار.