سورة
النجم
ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير سورة النجم أنه ذهب النبي صلى الله عليه وسلم مراراً ليتردى من رؤوس الجبال حين فتر
الوحي .
وذكرها أيضًا في أوائل
(الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم).
وهذه الرواية هي من بلاغات الزهري رحمه الله تعالى وهي عند
البخاري برقم (6982) بلفظ ( وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ
مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى
بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ،
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ
جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ
الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ
جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ) .
قال
الحافظ رحمه الله تعالى في فتح الباري (6982): ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلَ فِيمَا
بَلَغَنَا هُوَ الزُّهْرِيُّ .
قال:وَمَعْنَى
الْكَلَامِ أَنَّ فِي جُمْلَةِ مَا وَصَلَ إِلَيْنَا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِه الْقِصَّة ،وَهُوَ مِنْ بَلَاغَاتِ
الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ مَوْصُولًا .
وحكم الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة (10/ 453) على
المتن بالنكارة ، وأنه قد جاء عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في الحديث
المتفق عليه (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ
جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) .اهـ.
وفتور الوحي ثابتٌ في صحيح البخاري(3) عن عائشة رضي الله عنهاالحديث وفي آخره قال ورقةُ بن نوفل ( لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ» ، قَالَ:
نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ،
وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ
وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ ) .
مدة فترة
الوحي: يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في الفصول:(كانت قريباً من سنتين أو أكثر ) .
فائدة :
قال
الحافظ ابن حجر في فتح الباري تحت رقم(3) : وَفُتُورُ
الْوَحْيِ :عِبَارَةٌ عَنْ تَأَخُّرِهِ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ .
وَكَانَ
ذَلِكَ لِيَذْهَبَ مَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَهُ مِنَ
الرَّوْعِ .
وَلِيَحْصُلَ
لَهُ التَّشَوُّفُ إِلَى الْعَوْدِ فَقَدْ رَوَى الْمُؤَلِّفُ فِي التَّعْبِيرِ
مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .اهـ .