جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 7 ديسمبر 2015

توضيحٌ وفائدةٌ حديثيةٌ جليلَةٌ

 تابع :سلسلة المسائل النسائية

قال الذهبيُّ رحمه الله في ميزان الاعتدال في أول الكلام على النساء المجلد الرابع : ( فصلٌ في النسوةِ المجهولات) .

قال : مَا عَلِمْتُ فِي النِّسَاءِ مَنِ اتُّهِمَتْ، وَلَا مَنْ تَرَكُوهَا.

وذكر السيوطي في تدريب الراوي(1/ 379) كلامَ الذهبي  ثمَّ قال :

 وَجَمِيعُ مَنْ ضُعِّفَ مِنْهُنَّ إِنَّمَا هُوَ لِلْجَهَالَةِ. اهـ

 ونستفيدُ  أنَّ في النساءِ محدثاتٍ .

وأنَّ قوله : مَا عَلِمْتُ فِي النِّسَاءِ مَنِ اتُّهِمَتْ وَلَا مَنْ تَرَكُوهَا.

هذا ينفي شيئين فقط ، تُهمَة النساء ،ومن تركوا حديثها .

أما أنه يوجَدُ نساءٌ  ضُعِّفْنَ ، فهذا حاصلٌ بكثرة ،وخاصةً المجهولات.

وكان والدي الشيخ مقبل رحمه الله يُفيدُ شيئاً  ويقول : أليس سجاحٌ ادَّعتِ النبوَّةَ ؟.

يعني : وهذا من أعظم الكذب .

ثم يقول: يقصد الذهبي من المُحدِّثات .اهـ

وقولُ الذهبي رحمه الله(مَنِ اتُّهِمَتْ ) المتَّهَم يقول الحافظُ ابنُ حجر في نخبة الفِكَر 37 :

ثم الطعن:-أي في الراوي- إمَّا أنْ يَكُونَ:

 لِكَذِبِ الرَّاوِي  ، أَوْ تُهْمَتِهِ بِذلِكَ ،أوْ فُحْشِ غَلَطِهِ.

أَوْ غَفْلَتِهِ  ،أَوْ فِسْقِهِ ،أَوْ وَهْمِهِ.

أَوْ مُخَالَفَتِه ،أَوْ جَهَالَتِه ،أَوْ بِدْعَتِهِ ، أو سُوءِ حِفْظِهِ.

ثم فسَّر  بعد ذلك هذه الفقرات وقال:

 فالأوَّلُ: الْمَوْضُوعُ، والثَّانِي: الْمَتْرُوكُ...

الشاهد قوله(إمَّا أنْ يَكُونَ: لِكَذِبِ الرَّاوِي ، أَوْ تُهْمَتِهِ بِذلِكَ) أي تهمته بالكذب ، وكذا

 قوله (والثاني المتروك )لأنه يُفسِّر المتَّهَم .

وشرحَ رحمهُ اللهُ في (نزهة النظر شرح نخبة الفِكَر )هذا وقال :( أو تُهمتِهِ بذلكَ) 

 بأَنْ لا يُرْوَى ذلك الحديثُ إلا من جهته، ويكونَ مُخالِفاً للقواعِدِ المعلومةِ .

قال :وكذا مَن عُرِفَ بالكذبِ في كلامه، وإنْ لم يَظهر منهُ وقوعُ ذلك في الحَديثِ 

النبويِّ، وهذا دُونَ الأولِ – أي دون الموضوع- .

وقال أيضاً رحمه الله : وَالقسمُ الثَّاني مِن أَقسامِ المَردودِ: -وهو ما يكون بسببِ تُهمة الراوي بالكذب- هو المتروك . اهـ

وعبارة (متَّهم  ، وتركوا حديثَه ) من عبارات التجريح الشديدة .

قال السخاوي رحمه الله في فتحِ المُغيث (2/ 125) في سياق عبارات التجريح 

الشديدة قال :وَفُلَانٌ (مَتْرُوكٌ) ، أَوْ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، أَوْ تَرَكُوهُ.

قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سُئِلَ شُعْبَةُ: مَنِ الَّذِي يُتْرَكُ حَدِيثُهُ؟ قَالَ: مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَمَنْ يُكْثِرُ 

الْغَلَطَ، وَمَنْ يُخْطِئُ فِي حَدِيثٍ يُجْمَعُ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَّهِمُ نَفْسَهُ وَيُقِيمُ عَلَى غَلَطِهِ، وَرَجُلٌ رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ بِمَا لَا يَعْرِفُهُ الْمَعْرُوفُونَ . اهـ

 وأيهما أشد مُتَّهم أو تركُوا حديثه ؟.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله في الموقِظة81: وليس مَن تُكُلِّم في سُوءِ حفظِه 

واجتهادِه في الطَّلَب كَمَنْ ضعَّفوه .

 ولا مَن ضعَّفوه ورَوَوْا له كَمَنْ تركوه .

ولا مَن تركوه كَمَنْ اتَّهموه وكذَّبوه. اهـ

علِمنا  من كلام الذهبي في الموقظة : أن المتهم أشدُّ ضعفاً مِن تركوه .

فقولهم في الراوي متهم أشدُّ من قولهم تركوا حديثه .


وبالله التوفيق .