تابع :سلسلة المسائل النسائية
قال الذهبيُّ رحمه الله في ميزان الاعتدال في أول الكلام على النساء المجلد
الرابع : ( فصلٌ في النسوةِ المجهولات) .
قال : مَا عَلِمْتُ فِي النِّسَاءِ مَنِ اتُّهِمَتْ، وَلَا مَنْ تَرَكُوهَا.
وذكر السيوطي في تدريب الراوي(1/ 379) كلامَ الذهبي
ثمَّ قال :
وَجَمِيعُ مَنْ ضُعِّفَ مِنْهُنَّ
إِنَّمَا هُوَ لِلْجَهَالَةِ. اهـ
ونستفيدُ أنَّ في النساءِ محدثاتٍ .
وأنَّ قوله : مَا عَلِمْتُ فِي النِّسَاءِ مَنِ اتُّهِمَتْ وَلَا مَنْ
تَرَكُوهَا.
هذا ينفي شيئين فقط ، تُهمَة النساء ،ومن
تركوا حديثها .
أما أنه يوجَدُ نساءٌ ضُعِّفْنَ ،
فهذا حاصلٌ بكثرة ،وخاصةً المجهولات.
وكان والدي الشيخ مقبل رحمه الله يُفيدُ شيئاً ويقول : أليس سجاحٌ ادَّعتِ النبوَّةَ ؟.
يعني : وهذا من أعظم الكذب .
ثم يقول: يقصد الذهبي من المُحدِّثات .اهـ
وقولُ الذهبي رحمه الله(مَنِ اتُّهِمَتْ ) المتَّهَم يقول الحافظُ ابنُ حجر
في نخبة الفِكَر 37 :
ثم الطعن:-أي في الراوي- إمَّا أنْ يَكُونَ:
لِكَذِبِ الرَّاوِي ، أَوْ تُهْمَتِهِ بِذلِكَ ،أوْ فُحْشِ
غَلَطِهِ.
أَوْ غَفْلَتِهِ ،أَوْ فِسْقِهِ ،أَوْ
وَهْمِهِ.
أَوْ مُخَالَفَتِه ،أَوْ جَهَالَتِه ،أَوْ بِدْعَتِهِ ، أو سُوءِ حِفْظِهِ.
ثم فسَّر بعد ذلك هذه الفقرات وقال:
فالأوَّلُ: الْمَوْضُوعُ،
والثَّانِي: الْمَتْرُوكُ...
الشاهد قوله(إمَّا أنْ يَكُونَ: لِكَذِبِ الرَّاوِي ، أَوْ تُهْمَتِهِ
بِذلِكَ) أي تهمته بالكذب ، وكذا
قوله (والثاني المتروك )لأنه يُفسِّر المتَّهَم .
وشرحَ رحمهُ اللهُ في (نزهة النظر شرح نخبة الفِكَر )هذا وقال :( أو تُهمتِهِ
بذلكَ)
بأَنْ لا يُرْوَى ذلك الحديثُ إلا
من جهته، ويكونَ مُخالِفاً للقواعِدِ المعلومةِ .
قال :وكذا مَن عُرِفَ بالكذبِ في كلامه، وإنْ لم يَظهر منهُ وقوعُ ذلك في
الحَديثِ
النبويِّ، وهذا دُونَ الأولِ – أي دون الموضوع- .
وقال أيضاً رحمه الله : وَالقسمُ الثَّاني مِن أَقسامِ المَردودِ: -وهو ما يكون
بسببِ تُهمة الراوي بالكذب- هو المتروك . اهـ
وعبارة (متَّهم ، وتركوا حديثَه ) من
عبارات التجريح الشديدة .
قال السخاوي رحمه الله في فتحِ المُغيث (2/ 125) في سياق عبارات التجريح
الشديدة قال :وَفُلَانٌ (مَتْرُوكٌ) ، أَوْ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، أَوْ تَرَكُوهُ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سُئِلَ شُعْبَةُ: مَنِ الَّذِي يُتْرَكُ حَدِيثُهُ؟
قَالَ: مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَمَنْ يُكْثِرُ
الْغَلَطَ، وَمَنْ يُخْطِئُ
فِي حَدِيثٍ يُجْمَعُ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَّهِمُ نَفْسَهُ وَيُقِيمُ عَلَى غَلَطِهِ،
وَرَجُلٌ رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ بِمَا لَا يَعْرِفُهُ الْمَعْرُوفُونَ . اهـ
وأيهما أشد مُتَّهم أو تركُوا حديثه
؟.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في الموقِظة81: وليس مَن تُكُلِّم في سُوءِ
حفظِه
واجتهادِه في الطَّلَب كَمَنْ ضعَّفوه .
ولا مَن ضعَّفوه ورَوَوْا له كَمَنْ
تركوه .
ولا مَن تركوه كَمَنْ اتَّهموه وكذَّبوه. اهـ
علِمنا من كلام الذهبي في الموقظة : أن المتهم
أشدُّ ضعفاً مِن تركوه .
فقولهم في الراوي متهم أشدُّ من قولهم تركوا حديثه .
وبالله التوفيق .