جديد المدونة

الجمعة، 18 ديسمبر 2015

كلِمةٌ لبعضِ الطُلَّاب وتعقيبِ الوالدِ عليها

تابع/من مروياتي عن والدي ..

 مرة كان واحدٌ من طلاب الوالد الشيخ مقبل ـ رحمه الله تعالى ـ 

في ( دار الحديث في دماج ) يلقي نصائحَ ـ وقد توفي رحمه الله ـ 
فكان مما قال في نصيحته :

 تُترَك التزكية استدلالاً بما أخرج

البخاري(2663)ومسلم(3001)  عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ 

عَنْهُ، قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ 

وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ، فَقَالَ: «أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهَرَ الرَّجُلِ» .

وما في معناه من الأدلة .

ولِما يُخْشَى على المُزَكَّى من فتنة العُجب والغُرور الدَّاءَ يْنِ 

المُهلِكَيْنِ .

، فلما انتهى من كلامه ، قام الوالد ـ رحمه الله تعالى ـ وعقَّب

 عليه و قال :

 هذا ما هو صحيح ، كيف نترك التزكيةَ لأهل الأهواء ، و لا 

نزكِّي إخوانَنا ، وهم يقولُون : جاء الشيخُ ، خرج الشيخُ  .


قلت :وفي ترجمة الوالد الشيخ مقبل ـ رحمه الله تعالى ـ التي 

بقلمِه ذكر عدداً من طلابه ، و زكَّاهم للمصلحة ،  لمعرفةِ منزلَةِ

 الطالب ، والانتفاع منه إذا كان عنده علم ، والمعصوم من 


عصمه الله ـ نسأل الله أن يثبتنا ولا يفتِنَّا  .

والأدلة في بعضها  النهي عن التزكية ، وفي بعضها  التزكية ،

ولهذا أنكر الوالدُ رحمه الله الكلمة المذكورة لأنها عامَّة .

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم تحت رقم 

(3000): قَالَ الْعُلَمَاءُ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَهَا أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ

عَلَى الْمُجَازَفَةِ فِي الْمَدْحِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْأَوْصَافِ .

 أَوْ عَلَى مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ مِنْ إِعْجَابٍ وَنَحْوِهِ إِذَا 

سَمِعَ الْمَدْحَ .


وأما من لا يخاف عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَمَالِ تَقْوَاهُ وَرُسُوخِ عَقْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ

 .
فَلَا نَهْيَ فِي مَدْحِهِ فِي وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ .



بَلْ إِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ مَصْلَحَةٌ كَنَشَطِهِ لِلْخَيْرِ وَالِازْدِيَادِ مِنْهُ أَوِ 


الدَّوَامِ عَلَيْهِ أَوِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ كَانَ مستحباً .والله أعلم .

قلت : ومن الأدلة على الثناء إذا كان يبعث  النشاط ما رواه 

الإمامُ مسلم رحمه الله (810)  عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ

 رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ 

مِنْ كِتَابِاللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: 


«يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: 

قُلْتُ: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] . قَالَ: 


فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: «وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ» .