تابع/من مروياتي
عن والدي ..
مرة كان واحدٌ من طلاب الوالد الشيخ مقبل ـ رحمه
الله تعالى ـ
في ( دار الحديث في دماج ) يلقي نصائحَ ـ وقد توفي رحمه الله ـ
فكان مما
قال في نصيحته :
تُترَك التزكية استدلالاً بما أخرج
البخاري(2663)ومسلم(3001) عَنْ أَبِي مُوسَى
رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّصَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ
وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ،
فَقَالَ: «أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهَرَ الرَّجُلِ» .
وما في معناه من
الأدلة .
ولِما يُخْشَى
على المُزَكَّى من فتنة العُجب والغُرور الدَّاءَ يْنِ
المُهلِكَيْنِ .
، فلما انتهى من كلامه
، قام الوالد ـ رحمه الله تعالى ـ وعقَّب
عليه و قال :
هذا ما هو صحيح ، كيف نترك التزكيةَ لأهل الأهواء
، و لا
نزكِّي إخوانَنا ، وهم يقولُون : جاء الشيخُ ، خرج الشيخُ .
قلت :وفي ترجمة الوالد
الشيخ مقبل ـ رحمه الله تعالى ـ التي
بقلمِه ذكر عدداً من طلابه ، و زكَّاهم للمصلحة
، لمعرفةِ منزلَةِ
الطالب ، والانتفاع منه إذا كان عنده علم ، والمعصوم
من
عصمه الله ـ نسأل الله أن يثبتنا ولا يفتِنَّا .
والأدلة في بعضها النهي عن التزكية ، وفي بعضها التزكية ،
ولهذا أنكر الوالدُ رحمه الله الكلمة المذكورة لأنها عامَّة .
قال النووي رحمه
الله في شرح صحيح مسلم تحت رقم
(3000): قَالَ الْعُلَمَاءُ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَهَا أَنَّ النَّهْيَ
مَحْمُولٌ
عَلَى
الْمُجَازَفَةِ فِي الْمَدْحِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْأَوْصَافِ .
أَوْ عَلَى مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ مِنْ
إِعْجَابٍ وَنَحْوِهِ إِذَا
سَمِعَ الْمَدْحَ .
وأما من لا يخاف
عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَمَالِ تَقْوَاهُ وَرُسُوخِ عَقْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ
.
فَلَا نَهْيَ فِي
مَدْحِهِ فِي وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ .
بَلْ إِنْ كَانَ
يَحْصُلُ بِذَلِكَ مَصْلَحَةٌ كَنَشَطِهِ لِلْخَيْرِ وَالِازْدِيَادِ مِنْهُ أَوِ
الدَّوَامِ عَلَيْهِ أَوِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ كَانَ مستحباً .والله أعلم .
قلت : ومن الأدلة على الثناء إذا كان يبعث النشاط ما رواه
الإمامُ مسلم رحمه الله (810) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ
مِنْ كِتَابِاللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ:
«يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ:
قُلْتُ: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] . قَالَ:
فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: «وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ» .