جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

الدرس الثالث من(باب المواقيت)ليلة الأحد1436/11/21


 قال عبد الغني بن عبدالواحد المقدسي رحمه الله .
عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ سَيَّارِ بْنِ سَلامَةَ قَالَ: (دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ , فَقَالَ لَهُ أَبِي: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؟ فَقَالَ: كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ - الَّتِي تَدْعُونَهَا  الأُولَى - حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ , وَيُصَلِّي الْعَصْرَ , ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ. وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ. وَكَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ الْعِشَاءِ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ. وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا , وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا. وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلَ جَلِيسَهُ. وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ) .
 [الشرح]
-قوله(كان يصلي الهجير)
يعني يصلي الظهر
-قوله (التي تدعونها اﻷولى) أي تسمونها
قال ابن دقيق العيد في شرح العمدة إنما قيل لصلاة الظهر اﻷولى ﻷنها أول صلاة أقامها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم على ما جاء في حديث إمامة جبريل عليه السلام .
فتبين لنا بالصلاة اﻷولى لما نزل جبريل يعلم النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس بدأ بصلاة الظهر.
-قوله(حين تدحض)
أي تزول .
(والشمس حية)قال ابن الأثير في النهاية : أَيْ صَافِيَةُ اللَّوْنِ لَمْ يَدْخُلْهَا التَّغَيُّرُ بدُنوّ الْمَغِيبِ؛ كَأَنَّهُ جَعَلَ مَغِيبَهَا لَهَا مَوْتاً، وَأَرَادَ تَقْدِيمَ وَقْتِهَا.

(رحْله)
أي /مسكنه .
 (العتمة)
العتمة/ سماها الله في كتابه وقال:{وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور : 58]
سماها العشاء .
 وينبغي أن نحافظ على ألفاظ القرآن والسنة .
أخرج مسلم (644) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ، فَإِنَّهَا فِي كِتَابِ اللهِ الْعِشَاءُ، وَإِنَّهَا تُعْتِمُ بِحِلَابِ الْإِبِلِ » .
ويُشكِل في هذا ما أخرج البخاري (615) ومسلم (437)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الحديث وفيه (  وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) .

قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد(2/320) لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْعَتَمَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَنْ يُهْجَرَ اسْمُ الْعِشَاءِ، وَهُوَ الِاسْمُ الَّذِي سَمَّاهَا اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَيَغْلِبَ عَلَيْهَا اسْمُ الْعَتَمَةِ، فَإِذَا سُمِّيَتِ الْعِشَاءَ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا أَحْيَانًا الْعَتَمَةُ، فَلَا بَأْسَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَهَذَا مُحَافَظَةً مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَسْمَاءِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ بِهَا الْعِبَادَاتِ، فَلَا تُهْجَرُ وَيُؤْثَرُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا،
كَمَا فَعَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هِجْرَانِ أَلْفَاظِ النُّصُوصِ، وَإِيثَارِ الْمُصْطَلَحَاتِ الْحَادِثَةِ عَلَيْهَا، وَنَشَأَ بِسَبَبِ هَذَا مِنَ الْجَهْلِ وَالْفَسَادِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ اهـ
فتبين من كلام ابن القيم أن المنهي عنه أن يغلب على العشاء التسمية (بالعتمة)أماأحيانا نادراً فلا بأس.
(وكان ينفتل من صلاة الغداة)
ينفتل/ينصرف .
صلاة الغداة /الصبح .

من فوائد الحديث
1- بيان لقاءات السلف وأنها لقاءات علم ،لقاءات مذاكرة، لقاءات استفادة، لقاءات أُخروية ،فلم تكن لقاءاتُهم لقاءات تنزُّه ولعب وضحك وضياع ولقائات دنيوية .
2-قال ابن رجب في "فتح الباري "(4/256) في هذه الرواية: أن لصلاة الظهر اسمين آخرين:
أحدهما: الهجير؛ لأنها تصلى بالهاجرة.
والثاني: الأولى .
3- دخول وقت الظهر بالزوال.
4- المبادرة بصلاة الظهر .
وهذا هوالذي ينبغي أن تُصلى الصلوات الخمس في أول وقتها إلا مااستثناه الدليل.
وقد تقدم ذلك.
 فينبغي نحرص على هذا ولانتشاغل بأمور الدنيا أو نتشاغل بالمفضول وندع اﻷفضل .
مثلا إذا كان إحدانا تبحث وسمعت اﻷذان لو استمرت نصف ساعة مثلا  يكون هذا من التشاغل بالمفضول عن اﻷفضل .
وقد ذكر ابن القيم في بدائع الفوائد تدرج مراحل الشيطان وأنه إذا لم يستطع له قد يشغله بالمفضول عن اﻷفضل نعوذ بالله رضي الشيطان  بالمفضول ما استطاع أن يوقعه في الشرك ولا في الكبائر ولا في البدعة ولا في كذا كذا يأتي له من طريق أخرى وهو التشاغل بالمفضول عن اﻷفضل وقد لايدري أحدنا أن هذا من عداوة الشيطان نسأل الله اللطف .
وهذا نص كلام ابن القيم في بدائع الفوائد(2/261) نذكره محافظة على لفظ كلام ابن القيم رحمه الله والاستفادة منه .
يقول في سياق عداوة الشيطان وأنه إذا لم يقدر للعبد نقله  إلى مرحلة أخرى يقول رحمه الله :
المرتبة السادسة: وهو أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل فيأمره بفعل الخير المفضول ويحضه عليه ويحسنه له إذا تضمن ترك ما هو أفضل وأعلى منه .
وقلَّ من يتنبه لهذا من الناس فإنه إذا رأى فيه داعيا قويا ومحركا إلى نوع من الطاعة لا يشك أنه طاعة وقربة فإنه لا يكاد يقول إن هذا الداعي من الشيطان فإن الشيطان لا يأمر بخير ويرى أن هذا خير فيقول هذا الداعي من الله وهو معذور ولم يصل علمه إلى أن الشيطان يأمر بسبعين بابا من أبواب الخير إما ليتوصل بها إلى باب واحد من الشر وإما ليفوت بها خيرا أعظم من تلك السبعين بابا وأجل وأفضل وهذا لا يتوصل إلى معرفته إلا بنور من الله يقذفه في قلب العبد يكون سببه تجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وشدة عنايته بمراتب الأعمال عند الله وأحبها إليه وأرضاها له وأنفعها للعبد وأعمِّها نصيحة لله تعالى ولرسوله ولكتابه ولعباده المؤمنين خاصتهم وعامتهم ولا يعرف هذا إلا من كان من ورثة الرسول صلى الله عليه وسلم ونوَّابه في الأمة وخلفائه في الأرض وأكثر الخلق محجوبون عن ذلك فلا يخطر بقلوبهم والله تعالى يمن بفضله على من يشاء من عباده اهـ
نسأل الله التوفيق وأن يجعلنا من المسابقين للخير .
5- استحباب تأخير العشاء قليلاً عن أول وقته .
6-كراهية النوم قبل صلاة العشاء ﻷن هذا قد يؤدي إلى تأخيرصلاة العشاء الاختياري وقد يفوِّت صلاة العشاء في جماعة على الرجل .هكذا ذكر أهل العلم .

7- كراهة الحديث بعد صلاة العشاء .
وهذا إذا كان لغير فائدة أو يفوِّت قيام الليل أو تفوت صلاة الفجرفي جماعةللرجل أو يفوت استغلال بكوراليوم ونحو ذلك .
وهذا من الآداب فالذين يسمرون على الملاهي وعلى الضياع سمرُهم مذموم قال الله سبحانه في ذم كفار قريش.
{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون : 67]
وهكذا السمر في القيل والقال وما ليس فيه مصلحة ولا فائدة .
أما السمر في العلم وفي الخير وفي محادثة الضيف وإدخال السرور على اﻷهل واﻷولاد فلا محذور فيه ولكن لا يضيع الفضائل والمستحبات الأخرى كقيام آخر الليل وبكور اليوم وما أشبهه ..
وقد بوب الإمام البخاري لهذه المسألة في كتاب العلم (باب السمر في العلم)
فقوله (والحديث بعدها )
هذا ليس على إطلاقه .
8-- دليل على التعجيل بصلاة الفجر في أول وقتها خلافاً للحنفية  .
9- التطويل في صلاة الفجر لأنه أحيانا كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بستين آية وأحيانا تبلغ مائة آية .

والله أعلم .