جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

(1)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله


-كنتُ في بدء حضوري لدروسِه العامة التي يقيمُهَا في مسجدِ الرجال أقَيِّدُ الفوائدَ فإذا عاد إلينا قرأتها عليه .
فيقولُ : ماشاء الله ،فوائد تُشَدُّ لها الرحال.
مع أني لم أفعل شيئًا سوى كتابتها في الدرس ،لكن هذا من تشجيعه رحمه الله .
-ليس من عادتِه رحمه الله التشجيع بالمال ليعَوِّد الطالب نفسه على حُسْنِ النية ،غير مرةٍ واحدةٍ ألقيتُ أوَّل كلمةٍ مع نحو ستِّ نساء من العوام فسُرَّ بذلك وأعطاني مفتاحه ،وقال :خُذِي لك كذا .
-أي سؤالٍ واستفسار يكونُ عندنا يلبِّي الطلب ،ولو كان مشغولًا بعباراتٍ سهلة سَلِسَة الفهم .من أمثلة ذلك :
في مسألة الإشارة بدون تحريك السبابة في التشهد هذا ترجيح والدي ،فقلت له :بعضُهم يقول:الإشارة لا تنافي التحريك .فقال: إذا قلتُ لك هذا الكتاب وأشار بالمسبحة إليه ،هل أنا أقول هكذا.- يعني هل يشير إلى الكتاب مع تحريك الإصبع .
-سألني رحمه الله عن قوله تعالى:﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾جاء في روايةٍ أن الصحابة قالوا أينا لم يظلم نفسه؟فنزلت هذه الآية  .وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ألم تسمعوا إلى قول لقمان ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾فقال: كيف الجمع بينهما؟فقلتُ له:«يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهَا وَقَعَ فِي الْحَالِ فَتَلَاهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ نَبَّهَهُمْ فَتَلْتَئِمُ الرِّوَايَتَانِ» كما قال الحافظ.
فقال: لله درُّكِ .
-اختلفت أنا وبنت ونحن صغار في السورة التي قرأ بها الإمام في صلاة الفجر ،وكل واحدة منا أصرت على  ما تقول فدخل والدي البيت بعد شروق الشمس وأنا في انتظاره شبه حزينة فمجرد أن فتح الباب استقبلته وقلت له بعد السلام: يا أبت بأي شيء قرأ الإمام في صلاة الفجر فأطرق رأسه قليلا ،وقال: لا أذكر لكن أذهب وأسأل فخرج فورًا، ثم رجع وقال :يقول الإخوان قرأ بكذا .
-كنتُ أُسمِّع عنده سورة البقرة فلما بلغتُ الآيتين من آخر سورة البقرة قرأ معي ،فاستنكرتُ ذلك فقال:ما فيه شيء وقرأ معي حتى انتهينا .
-رأى والدي اهتمامي بالاستفسارات الفقهية فقال: أرجو أن تكوني فقيهة .
-لم يكن يُرغمنا على طلبِ العلم أبدًا ،تقولُ لي واحدة :هذا من حكمة الشيخ حتى لا تنفروا عن العلم.
-عند أن فَتَحَ والدي درسه في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»عام 1413 تقديرًا ،كنا في أشدِّ الفرحِ والسرور ،وكان رحمه الله يقرأُ الطلاب عنده أحاديث الدرس بالأسانيد، وهم واقفون،فإذا رجع إلى منزلنا لا ينساني ،بل يأمرني أن أقرأَ عنده الأحاديث.
رحمَ الله والدي وأسكنه الفردوسَ الأعلى .