جديد الرسائل

الاثنين، 3 نوفمبر 2025

(12)التعليقات على بعض الآيات المحكمات

 

 

            من سورة الأحقاف

 

قال تَعَالَى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)﴾ [الأحقاف: 35].

 

سألت والدي رَحِمَهُ الله هل جميع الرسل من أولي العزم؟

فأجابني:

 ليس كل الرسل من أولي العزم، يقول الله تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)﴾[طه ويقول الله تَعَالَى: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)﴾[القلم].

 

قلت:

وقد اختلف أهل العلم هل (من) في قوله: ﴿مِنَ الرُّسُلِ بيانية-أي: لبيان الجنس-، فعلى هذا يكون الرسل كلهم أولي العزم، أم هي تبعيضية، أي: بمعنى بعض، وعلى هذا يكون ليس جميع الرسل من أولي العزم

وهذا الثاني ترجيح الشنقيطي في «أضواء البيان»(4/106 فقد قال في سورة(طه): يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَانَا آدَمَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَيْسَ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾، وَهُمْ: نُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 وَقِيلَ: هُمْ جَمِيعُ الرُّسُلِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةَ: ﴿وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾، أَيْ: لَمْ نَجِدْ لَهُ صَبْرًا عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ وَمُوَاظَبَةً عَلَى الْتِزَامِ الْأَمْرِ.

وَأَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ رَاجِعَةٌ إِلَى هَذَا، وَالْوُجُودُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَمْ نَجِدْ قَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي «الْبَحْرِ»: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَمَفْعُولَاهُ ﴿لَهُ عَزْمًا﴾، وَأَنْ يَكُونَ نَقِيضَ الْعَدَمِ. كَأَنَّهُ قَالَ: وَعِنْدَ مَنَالِهِ عَزْمًا. اهـ مِنْهُ.

قال: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[مقتطف من كلمة/ صدق العزيمة لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]