من سورة الأحقاف
قال
تَعَالَى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا
تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا
إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ
الْفَاسِقُونَ (35)﴾ [الأحقاف: 35].
سألت والدي رَحِمَهُ الله
هل جميع الرسل من أولي العزم؟
فأجابني:
 ليس كل الرسل من أولي العزم، يقول الله تَعَالَى:
﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ
فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)﴾[طه]، ويقول
الله تَعَالَى: ﴿فَاصْبِرْ
لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)﴾[القلم].
قلت: 
وقد اختلف أهل العلم هل (من) في قوله: ﴿مِنَ الرُّسُلِ﴾
بيانية-أي:
لبيان الجنس-، فعلى هذا يكون الرسل كلهم أولي
العزم، أم هي تبعيضية،
أي: بمعنى بعض،
وعلى هذا يكون ليس جميع الرسل من أولي العزم 
وهذا الثاني ترجيح الشنقيطي
في «أضواء البيان»(4/106)، فقد قال
في سورة(طه):
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَانَا آدَمَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ لَيْسَ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿فَاصْبِرْ
كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾،
وَهُمْ: نُوحٌ،
وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى،
وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
 وَقِيلَ:
هُمْ جَمِيعُ الرُّسُلِ. 
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةَ: ﴿وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾، أَيْ: لَمْ نَجِدْ لَهُ
صَبْرًا عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ وَمُوَاظَبَةً عَلَى الْتِزَامِ الْأَمْرِ.
وَأَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ
رَاجِعَةٌ إِلَى هَذَا، وَالْوُجُودُ فِي
قَوْلِهِ: ﴿وَلَمْ
نَجِدْ﴾ قَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي «الْبَحْرِ»:
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ،
وَمَفْعُولَاهُ ﴿لَهُ عَزْمًا﴾، وَأَنْ يَكُونَ نَقِيضَ الْعَدَمِ. كَأَنَّهُ قَالَ:
وَعِنْدَ مَنَالِهِ عَزْمًا. اهـ مِنْهُ.
قال:
وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى
أَعْلَمُ.
[مقتطف من كلمة/ صدق العزيمة لابنة الشيخ مقبل
رَحِمَهُ الله]