مِنْ أعلى ما تحتمله الأخوة الإيمانية
قال شيخ الإسلام في « العقيدة الواسطية» في صفات أهل السنة والجماعة: وَيَدِينُونَ
بِالنَّصِيحَةِ للأُمَّةِ.
دان بالإسلام دينًا بالكسر تعبَّد به، وتدين به كذلك.
كما في «المصباح المنير»(205).
النصيحة: بذل
الخير للمنصوح له. كما قال الخطابي.
وهذا من طريقة أهل السنة والجماعة النصح للأمة.
وقد ذكر
الله تَعَالَى عن عدد من أنبيائه نصحهم لأممهم،
قال تَعَالَى: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ
أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ
النَّاصِحِينَ (79)﴾ [الأعراف: 79]، ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ
أَمِينٌ (68)﴾ [الأعراف: 68].
وروى
البخاري (57)،
ومسلم (56)
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بَايَعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ،
وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ».
وعن أبي رقية تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: «الدِّينُ
النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ
وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رواه مسلم (55).
وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال:
«حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ سِتٌّ»، قِيلَ: مَا
هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «إِذَا
لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا
دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ
فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ
اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» رواه مسلم (2162)، وأصله في البخاري (1240) بدون «وَإِذَا
اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ»، أي: طلب النصيحة.
وهذا من
أعلى ما تحتمله الأخوة الإيمانية، وكما قال
الشيخ ابن باز رَحِمَهُ الله في «مجموع فتاواه» (14/21) في بيان من
هو الأخ الحقيقي: فأخوك من نصحك وذكَّرك
ونبَّهك، وليس أخوك من غفل عنك وأعرض عنك
وجاملك. اهـ.
وفي المَثَل:
صديقُكَ مَن صدقَكَ لَا من صَدَّقك.
قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح العقيدة الواسطية»(2/306): فإذا قال
قائل: ما هو ميزان النصيحة للأمة؟ فالميزان هو ما أشار إليه النبي عليه الصلاة
والسلام؛ بقوله:
«لا يؤمن أحدكم حتَّى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، فإذا عاملت الناس هذه المعاملة؛ فهذا هو تمام النصيحة.
فقبل أن تعامل صاحبك بنوع من المعاملة فكِّر، هل ترضى أن يعاملك شخص بها؟ فإن كنت لا ترضى؛ فلا
تعامله! اهـ.
وهذا يحتاج إلى قلب نظيف خال من الحسد والغل
والحقد، وقليلٌ ما هم.
وفي ترجمة الشيخ ابن باز من كتاب «الإنجاز في ترجمة الإمام عبدالعزيز بن باز» (282) لعبدالرحمن بن يوسف الرحمة: أن الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان سألَ الشيخ ابن باز: لماذا نجد لكَ كلَّ هذا القبول والحُبِّ في قلوب
الناس؟
غير أن الشيخ ابن باز رحمه الله لم يجبْه
ورغِب الإعراض عن مثل هذا السؤال، إلا أن
الشيخ عبد العزيز السدحان ألحَّ عليه في ذلك،
موضِّحًا أن الغاية من هذا أن يستفيد الجميع،
فكان ما قاله رحمه الله: إنني لا أحمل في قلبي
شيئًا.
[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ
مقبل رَحِمَهُ الله]