قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ الله:
وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي،
وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي» رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ
إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وفيه
زيادة عند الترمذي(284)، وابن ماجه(898) بعد قوله: «وَارْحَمْنِي»: « وَاجْبُرْنِي».
هذا الحديث من الأدعية
بين السجدتين.
واشتمل على
أدعية جامعة:
طلب المغفرة من الله، والرحمة، والهداية، وأن
يجبر كسر قلبه، ويعافيه، ويرزقه، والرزق أعم من رزق المال.
وقوله: « وَاجْبُرْنِي » الله
سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من أسمائه الجبار، وابن القيم رَحِمَهُ اللهُ يقول كما في
«مختصر الصواعق المرسلة»( 306): فَمَا كَسَرَ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا
لِيَجْبُرَهُ، وَلَا مَنَعَهُ إِلَّا لِيُعْطِيَهُ، وَلَا ابْتَلَاهُ إِلَّا
لِيُعَافِيَهُ، وَلَا أَمَاتَهُ إِلَّا لِيُحْيِيَهُ، وَلَا نَغَّصَ عَلَيْهِ
الدُّنْيَا إِلَّا لِيُرَغِّبَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا ابْتَلَاهُ بِجَفَاءِ
النَّاسِ إِلَّا لِيَرُدَّهُ إِلَيْهِ. اهـ.
وما أكثر ما تنكسر القلوب
في هذه الدنيا!
يكون فرحًا ومنتظرًا لشيء
ثم يُحرمه، يريد تحقق نعمة من النعم وبشوق شديد فلا يجد، فالله سُبحَانَهُ
وَتَعَالَى سيجبر قلبه، وإن لم يجبره في الدنيا فبقي جبر قلب المؤمن في الآخرة.
وفي الفقرة الأخيرة: (وَلَا
ابْتَلَاهُ بِجَفَاءِ النَّاسِ إِلَّا لِيَرُدَّهُ إِلَيْهِ):
أذى الناس للشخص من الابتلاءات، قد يكون هذا
الأذى من الزوج، أو من الجار، أو من أحد أفراد الأسرة، أو من شخص بعيد، أو من شخص
في العمل، وسيجبر الله قلبه، فالله عَزَّ وَجَلَّ قد يكون ابتلاه بهذا؛ ليرده
إليه، قد يكون غافلًا، قد يكون مقصرًا في العمل الصالح، ومقصرًا في الاستقامة،
فإذا حصل له ابتلاء من أحد، يلجأ إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ويستيقظ من
رقدته.