جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 30 يناير 2025

(64)التَّذْكِيْرُ بِسِيْرَةِ سَيِّدِ البَشَرِ

 

                             من الأدب مع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال الله عَزَّ وَجَل: ﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) ﴾[النور].

وفي النهي -عن دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا- قولَان، ذكرهما ابن القيم في «مدارج السالكين»(2/367)، وقال:  وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُفَسِّرِينَ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّكُمْ لَا تَدْعُونَهُ بِاسْمِهِ، كَمَا يَدْعُو بَعْضُكُمْ بَعْضًا، بَلْ قُولُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَعَلَى هَذَا: الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، أَيْ: دُعَاءَكُمُ الرَّسُولَ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمَعْنَى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَهُ لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ دُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا. إِنْ شَاءَ أَجَابَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، بَلْ إِذَا دَعَاكُمْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ بُدٌّ مِنْ إِجَابَتِهِ، وَلَمْ يَسَعْكُمُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا الْبَتَّةَ. فَعَلَى هَذَا: الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْفَاعِلِ. أَيْ: دُعَاؤُهُ إِيَّاكُمْ.

الاثنين، 27 يناير 2025

(7) من أحكام الجمعة

 

               للإمام جلستان إذا صعد المنبر يوم الجمعة

 

الجلسة الأولى: جلوس الإمام -إذا صعد على المنبر- قبل الخطبة الأولى حتى يفرغ المؤذن.

روى البخاري(916) عن السَّائِب بْن يَزِيدَ، يَقُولُ: إِنَّ الأَذَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ، يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَثُرُوا، أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِالأَذَانِ الثَّالِثِ، فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ.

 وروى أبو داود (1092) من طريق عَبْدِ الْوَهَّابِ -يَعْنِي: ابْنَ عَطَاءٍ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:  كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، كَانَ يَجْلِسُ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ حَتَّى يَفْرَغَ - أُرَاهُ قَالَ: الْمُؤَذِّنُ - ثُمَّ يَقُومُ، فَيَخْطُبُ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَلَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ.

وسنده ضعيف؛ عبد اللَّه بْن عُمَر هو  العُمَري، كما في ترجمة تلميذه عبد الوهاب بن عطاء من «تهذيب الكمال »(18/509)، والعمري:  مكبَّر الاسم مُضعَّف الرواية.

وأما عبد الوهاب بن عطاء فهو: الخفاف، صدوق ربَّما أخطأ، أنكروا عليه حديثًا في العباس، يقال: دلّسه عن ثورٍ.

وأصل الحديث في « صحيح البخاري»، وفيه الاقتصار على  الجلوس بين الخطبتين، كما تقدم.

وقد ذكر هذه الرواية الحافظ ابن حجر، واقتصر على هذه الطريق، فقال رَحِمَهُ الله في «فتح الباري»( 928): وَحَكَى ابن الْمُنْذِرِ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ عَارَضَ الشَّافِعِيَّ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاظَبَ عَلَى الْجُلُوسِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى، فَإِنْ كَانَتْ مُوَاظَبَتُهُ دَلِيلًا عَلَى شَرْطِيَّةِ الْجِلْسَةِ الْوُسْطَى، فَلْتَكُنْ دَلِيلًا عَلَى شَرْطِيَّةِ الْجِلْسَةِ الْأُولَى.

قال: وَهَذَا مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ جُلَّ الرِّوَايَات عَن ابن عُمَرَ لَيْسَتْ فِيهَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ الْأُولَى، وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ الْمُضَعَّفِ، فَلَمْ تَثْبُتِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الَّتِي بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ.

وقال ابن القاسم في «حاشية الروض المربع»(2/453)شرح فقرة: ثم يسن أن يجلس-أي: الإمام- إلى فراغ الأذان: وفاقًا، وذكره ابن عقيل إجماع الصحابة، ونقل عن أبي حنيفة خلاف، وعبارة «الهداية» لهم، وإذا صعد الإمام المنبر جلس، فصار إجماعا.

 ثم قال ابن القاسم: فإنه صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر جلس، وأخذ بلال في الأذان، فإذا كمله أخذ صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل، وهذا مستفيض ثابت من غير وجه، واستمر عمل المسلمين عليه، وفي الصحيح وغيره: وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام.

 والحكمة -والله أعلم-؛ ليعرف الناس جلوس الإمام على المنبر، فينصتون له، ولجلوسه سكون اللغط، والتهيؤ للإنصات والاستنصات لسماع الخطبة، وإحضار الذهن للذكر، ولأن الإمام يستريح بذلك من تعب الصعود، ويتمكن من الكلام التمكن التام.

الجلسة الثانية: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا. رواه البخاري(928).

وقد تكلم الشيخ ابن عثيمين في «الشرح الممتع»(5/61) على هذه المسألة، ثم قال: وعلى هذا يكون للخطيب جلستان: الأولى عند شروع المؤذن في الأذان، والثانية بين الخطبتين.

(126)سلسلة المسائل النسائية

 

                       حكم تقليد المرأة صوت الرجل في القراءة

 

استفدنا من والدي رَحِمَهُ الله ما يلي:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ  وعلى آله وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. رواه البخاري(5885).

فتقليد المرأة للرجل في  صوته  تشبه به، فهذا لا يجوز.

ولا بأس أن تقلِّدَه في المدِّ والإدغام، والإخفاء ونحو ذلك.

 

(9) بر الوالدين

 

هل يلزم رضا الوالدين في الزواج بامرأة؟

أجاب الشيخ ابن باز رحمه الله في «فتاوى نور على الدرب»(20/183) على سؤال: ما حكم الزواج بغير موافقة الوالد؟

ج: المشروع للمؤمن أن يتحرى موافقة الوالد؛ لأن بره من الواجبات وكذلك الوالدة، يشاورهم يجتهد؛ لأنه والد، والوالد قد يبدو له ما لا يدركه الولد، والمرأة بدَلها امرأة، النساء كثير، فإذا وجد امرأة صالحة طيبة فلا مانع من أن يستشير الوالد، ويكثر عليه في ذلك، ويطلب من الإخوان الطيبين، أن يشيروا عليه حتى يوافق، لأن المرأة الصالحة لا ينبغي ردها، ولا ينبغي تركها، ولا ينبغي للوالد أن يمنعه من ذلك، ولا حرج في ذلك من الزواج بها ولو لم يرض الوالد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف»، ولكون الزوجة الصالحة من المعروف، لكن مهما استطاع أن يرضيه أو يلتمس امرأة صالحة غيرها حتى لا تفوت الفرصة، هذا هو الأولى؛ جمعًا بين المصلحتين، بين بره وبين تحصيل المرأة الصالحة. مهما أمكن فإن لم يتيسر ذلك وخاف فواتها وهي امرأة صالحة مشهود لها بالخير، فلا حرج عليه إن شاء الله بالزواج بها، وإن لم يرض والده، وفي إمكان والده بعد ذلك أن يرضى، والغالب أن الوالد الطيب لا يكره المرأة الصالحة، فإذا كرهها فلا بد أن هناك شيئًا أوجب الكراهة، فلا ينبغي للولد أن يعجل، بل ينبغي له أن يتريث ويعرف الأسباب، ويستعين على رضا والده، إذا كان ليس هناك أسباب تمنع من زواجها، يستعين عليه بأعمامه وإخوانه وجيرانه الطيبين حتى يرضى إن شاء الله، لا يعجل في الزواج بغير رضاه، مهما أمكن إلا بعد الطمأنينة إلى أنه ليس هناك ما يمنع الزواج، وأنه تعنت من أبيه؛ لأن أباه رجل غير صالح، لا يريد الصالحات، وهذا خطأ عظيم. اهـ

 

الأحد، 26 يناير 2025

(145) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

                     من تعاون والدي رَحِمَهُ الله معي

 

عن جَارٍ لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ، وَاللهِ لَا أَعْبُدُ اللَّاتَ وَالعُزَّى، وَاللهِ لَا أَعْبُدُ أَبَدًا».

 قَالَ: فَتَقُولُ خَدِيجَةُ: خَلِّ اللَّاتَ، خَلِّ العُزَّى.

رواه الإمام أحمد رَحِمَهُ الله (29/467).

هذا الحديث جعلناه في كتابي « الصحيح المسند من الشمائل المحمدية»، تحت ترجمة: عِنَايَةُ اللهِ عَزَّ وَّجَلَّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَحِفْظُهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ وَمِنْ أُمُورِ الجَاهِلِيَّةِ.

وهذا من فعل والدي- فقد كانت يده في يدي في أغلب الأحوال- أثناء ترتيب مواضيع هذا الكتاب، وهو الذي وضعه في هذا الموضع تحت هذا الباب. رحمه الله بمنِّهِ وكرمه. آمين.

قلت: وقال السندي رَحِمَهُ اللهُ في «حاشية مسند أحمد»(4/284): « يَقُولُ لِخَدِيجَةَ » قبل النبوة أو بعدها، والأول أقرب.

«خَلِّ اللَّاتَ» تقريرًا له على ما قال.

(والأول أقرب) أي: أنه قبل النبوة، وصنيعنا هنا يدل على ذلك.

 فرحم الله والدي على فهمه الدقيق للأدلة والسيرة.