توجيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وهو قائم يصلي» في حديث أبي هريرة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ»، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.
رواه البخاري (935 )، ومسلم (852).
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وهو قائم يصلي» هل معناه أنه يتنفل في آخر ساعة من يوم الجمعة مع أنه وقت كراهة؟
والجواب: أن الْمُرَادَ الانتظار للصلاة، كما جاء مفسَّرًا فيما روى ابن ماجه (1139) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: قُلْتُ- وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ-: إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ: «فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ».
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأَشَارَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ».
فَقُلْتُ: صَدَقْتَ، أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ.
قُلْتُ: أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟
قَالَ: «هِيَ آخِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ».
قُلْتُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلَاةٍ.
قَالَ: «بَلَى. إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا صَلَّى ثُمَّ جَلَسَ، لَا يَحْبِسُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ».
قال الصنعاني في «سبل السلام »(1/411) عقِب حديث أبي هريرة: وَقَدْ تَأَوَّلْتُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ، وَالْمُنْتَظِرُ لِلصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ.