لماذا حُذِفَ تنوين المفرد ونونا التثنية وجمع المذكر السالم عند الإضافة؟
قال ابن هشام في «شرح قطر الندى»: اعْلَم أَنَّ الإِضَافَةَ لَا تَجتَمِعُ مَعَ التَّنْوِينِ([1])، وَلَا مَعَ النُّونِ التَّالِيَةِ لِلإِعرَابِ([2])، وَلَا مَعَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، تَقُولُ: «جَاءَنِي غُلَامٌ يَا هَذَا» فَتُنَوِّنُ.
وَإِذَا أَضَفتَ تَقُولُ: «جَاءَنِي غُلَامُ زَيدٍ»، فَتَحذِفُ التَّنْوِينَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الِاسْمِ، وَالْإِضَافَةُ تَدُلُّ عَلَى نُقصَانِهِ، وَلَا يَكُونُ الشَّيْءُ كَامِلًا نَاقِصًا.
وَتَقُولُ: «جَاءَنِي مُسلِمَانِ وَمُسلِمُونَ»، فَإِذَا أَضَفتَ قُلتَ: «مُسلِمَاكَ، وَمُسلِمُوكَ» فَتَحذِفُ النُّونَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ ﴾ [الحج: 35]. ﴿ إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ ﴾ [الصافات: 38]. ﴿ إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ ﴾ [القمر: 27].
وَالْأَصْلُ: «المُقِيمِينَ، وَلَذَائِقُونَ، وَمُرسَلُونَ».
وَالْعِلَّةُ فِي حَذفِ النُّونِ هِيَ الْعلَّةُ فِي حَذفِ التَّنْوِينِ؛ لِكَونِهَا قَائِمَةً مِقَامَ التَّنْوِينِ ([3]).
۞۞۞ |
فحَيثُ تَرَانِي لَا تَحِلُّ مَكَانِيَ |
وعلل لهذا ابن هشام، وقال: (وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الِاسْمِ)، فالسبب في حذف التنوين عند الإضافة أنه ( يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الِاسْمِ وَالْإِضَافَةُ تَدُلُّ عَلَى نُقصَانِهِ، وَلَا يَكُونُ الشَّيْءُ كَامِلًا نَاقِصًا).
فهذا تعليل؛ لعدم اجتماع الإضافة والتنوين: أن الإضافة تدل على نقص الاسم فهي تتمم المعنى، والتنوين يدل على كماله.
([2])أي: النون بعد حرف الإعراب لا تجتمع مع الإضافة، وهذا في المثنى وجمع المذكر السالم، فإذا أضيف المثنى وجمع المذكر السالم تحذف النون، قال ابن مالك رَحِمَهُ اللهُ:
نُونًا تَلِى الإِعْرَابَ أَوْتَنْوِينَا |
۞۞۞ |
مِمَّا تُضِيفُ احْذِفْ كَطُورِ سِينَا |
([3]) هذا تعليل لحذف نونَي المثنى وجمع المذكر السالم عند الإضافة: أن تنوين المفرد يُحذف عند الإضافة، نقول: «هذا أخٌ مجتهد»، فإذا أضفنا نحذف التنوين، ونقول: «هذا أخي مجتهد»، فكذلك نونَا المثنى وجمع المذكر السالم عند الإضافة تُحذفان؛ لأن هذه النون قائمة مقام التنوين وعوض عن التنوين في الاسم المفرد.
قال الشيخ ابن عثيمين في «شرح العقيدة الواسطية »(1/260) لمناسبة نحوية هناك: نحن عندما نعرب المثنى وجمع المذكر السالم، نقول: النون عوض من التنوين في الاسم المفرد، والعوض له حكم المعوَّض، فكما أن التنوين يحذف عند الإضافة، فنون التثنية والجمع تحذف عند الإضافة.
[من دروس شرح قطر الندى لابنة الشيخ مقبل الوادعي رَحِمَهُ الله]