جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 2 مارس 2024

(45)الآداب

 

ما حكم مصافحة الكافر إذا كان هو المبتدئ بالمصافحة؟

إليكم فتوى الشيخ ابن عثيمين:

إذا مد الكافر يده للمصافحة فصافِحه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن ابتدائهم، أن نبدأهم بالسلام.

 أما إذا بدؤونا هم أو صافحونا يجب أن نصافحهم، لكن لا نمد أيدينا إليهم للمصافحة نحن، لكن الكافر إن سلم فرُد عليه، وإن صافح تمد يدك إليه، وإن لم يسلم لا تسلم عليه، وإن لم يصافح لا تصافحه، إليك هذه الآية الكريمة -بارك الله فيك-: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء:86].

 لم يقل: إذا حيا بعضكم بعضًا ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ﴾، فأي شخص يحيينا ولو هو أكفر عباد الله، فإننا نرد عليه مثل تحيته أو أكثر.

 لكن الأَولى في غير المسلمين ألا ترد عليه أحسن، رُد عليه مثل تحيته؛ لأنك إذا رددت عليه أحسن زدته خيرًا وفرح به. اهـ من «لقاء الباب المفتوح»(رقم234).

 

فهذه فتوى الشيخ ابن عثيمين في هذه المسألة: أن المسلم لا يبتدئ الكافر بالمصافحة ولا بالسلام، لكن إذا بدأ الكافر بالمصافحة يُصافح؛ لأن الله عَزَّ وَجَل يقول في رد السلام: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء:86].

فإذا كان هذا في السلام فالمصافحة لها نفس الحكم من باب أولى، ولكن يأتي على هذا إشكال في رد السلام، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ » رواه البخاري (6258)، ومسلم (2163) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وفي الحديث الآخر أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» رواه البخاري (6024).

فطنت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وقالت: « وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ»؛ لأن السام الموت، ولكنها زادت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا واللعنة، فأنكر عليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهذا إذا تؤكد أنه ما ألقى السلام، ولكن جاء بلفظ صريح: السام عليكم، أو كان محتملًا أنه قال: السام عليكم أو السلام عليكم، هنا يقال: وعليكم. وأما إذا كان بلفظ صريح نطق باللام: السلام عليكم فيرد عليه؛  لقوله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾. وهذا ما ذهب إليه ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «أحكام أهل الذمة»(1/425)، وقرره الشيخ ابن عثيمين كما تقدم، وأيضًا في كتابه «شرح بلوغ المرام»، والشيخ الألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة»(٢/٣٨٢)، ذكر الشيخ الألباني رَحِمَهُ اللهُ أن المنع من الرد إذا قالو: السام عليكم، والله أعلم.

[مقتطف من دروس سورة النور الدرس12 لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]