جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 24 فبراير 2024

(52)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي

 

                        من بلاء التعصب

قال الصنعاني رَحِمَهُ الله في «تطهير الاعتقاد»: وَفُقَهَاءُ المَذَاهِبِ الأَربَعَةِ يُحِيلُونَ الِاجتِهَادَ مِن بَعدِ الأَربَعَةِ.

وتعقَّبه الصنعاني بقوله: وَإِن كَانَ هَذَا قَولًا بَاطِلًا، وَكَلَامًا لَا يَقُولُهُ إِلَّا مَن كَانَ لِلحَقَائِقِ جَاهِلًا...  

التعليق:

قوله رَحِمَهُ الله: وَفُقَهَاءُ المَذَاهِبِ الأَربَعَةِ.

 أي: من المتعصبة للمذاهب الأربعة.

يُحِيلُونَ الِاجتِهَادَ مِن بَعدِ الأَربَعَةِ.

أي: يرون الاجتهاد مستحيلًا بعد الأئمة الأربعة.

وهذا من بلاء التعصب.

وقد كان والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله يذكر لنا أن ابن علان قال عند قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، َعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ...»، هذا لمن كان في زمن الصحابة أو قريبًا من زمانهم، أما بعد أن تقررت المذاهب الأربعة فقال بعض أئمتنا: لا يجوز تقليد غيرهم.

وكان والدي رَحِمَهُ الله يستنكر ذلك، ويتعجب من هذه الجُرأة.

وإليكم نص كلام ابن علان في «شرح رياض الصالحين»(1/415): محل تقليد الصحابة بالنسبة للمقلد الصرف في تلك الأزمنة القريبة من زمنهم.

أما في زمننا فقال بعض أئمتنا: لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة: الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبي حنيفة؛ لأن هؤلاء عرفت مذاهبهم، واستقرت أحكامها وخدمها تابعوهم، وحرروها فرعًا فرعًا، وحكمًا حكمًا، فقَلَّ أن يوجد فرع إلا وهو منصوص لهم إجمالًا أو تفصيلًا. اهـ.

ومن الأدلة في رده:

 

قول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» رواه البخاري (7311)، ومسلم (1920) عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.

 

 وقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» رواه البخاري (7352)، ومسلم (1716) عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ.

 

فنستفيد من هذا: أن الاجتهاد باقٍ لم ينقطع.

[مقتطف من الدرس الخامس عشر من دروس تطهير الاعتقاد لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

فيجب الحذر من التعصبات؛ فإن هذا مضيعة للوقت، ويجر إلى توغير الصدور، وانقلاب الحال إلى عداوة وبغضاء، وولاء وبراء.

ومن نصائح والدي رحمه الله: لا تشغل نفسك بالتعصب لفلان وفلان، أقبل على العلم.