ما حكم الرياء هل هو شرك أكبر أو أصغر؟
الرياء من الشرك الأصغر، كما في الحديث القدسي: « أَنَا أَغنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّركِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أَشرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيرِي تَرَكتُهُ وَشِركَهُ».
إلا إذا كان قيامه للعبادة محضًا خالصًا لغير الله، لا يريد به وجه الله، فهذا شرك أكبر. ﴿ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)﴾ [النساء].
قال الشيخ ابن عثيمين في «القول المفيد»(2/124): الرياء من الشرك الأصغر؛ لأن الإنسان قصد بعبادته غير الله، وقد يصل إلى الأكبر، وقد مثل ابن القيم للشرك الأصغر، فقال: مثل يسير الرياء، وهذا يدل على أن الرياء الكثير قد يصل إلى الأكبر. اهـ.
فيحتاج طالب العلم والعابد لربه إلى مجاهدة في إخلاص العبادة لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وإلا وقع في خطر عظيم، وقع في الشرك، وهذا من المخاطر على طلاب العلم، من أشد المخاوف والمخاطر عليهم محبة السمعة والرياء.
من كانت هذه نيته فقد باء بالخسران، وكان علمه غير نافع، من علامات العلم الذي لا ينفع فقد الإخلاص في العمل، ومن أسباب حرمان البركة، وحرمان التوفيق، وقد ينقطع عن الخير بسبب أن عنده دسيسة سيئة في قلبه، فلا يثبت في اجتهاده في العبادة وفي طلب العلم؛ لأنه لم يكن مخلصًا لله، وجهوده وصبره في التعليم ونشر العلم لا تدوم؛ لأنه ليس هناك شرط قبول العمل، لقبول العمل شرطان: الإخلاص والمتابعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله في « العقيدة التدمرية»(232): وما لم يكن لله لا ينفع ولا يدوم. اهـ.
ينقطع ولا يستمر ولا ينفع، لا يعود بنفع على صاحبه، فالعاقل يجاهد نفسه، ويجاهد الشيطان، ويكسر هوى نفسه، فماذا عسى أن يكون عندنا من العلم والعبادة والمحفوظات؟!
السلف كان منهم من لو قيل له: إن ملك الموت ببابك ما كان عنده زيادة على العمل، حتى تسبيحه واحدة أو تكبيرة لا يستطيع أن يزيدها، قد بلغ أقصى جهده في العبادة، وكانوا يرحلون في طلب العلم ويتحملون المشاق، أما حالتنا ففي أشد الضعف والتقصير، والله المستعان.
والوظائف دخلت في العبادة فأفسدتها إلا من رحم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فمن المعلمين من يعلم القرآن ويعلم السنة لأجل دنيا ولا يحتسبه عند الله، والله عَزَّ وَجَل يقول: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)﴾ [الإسراء].
فنحن بحاجة شديدة إلى أن نجاهد في إصلاح النية، لننتفع بعبادتنا وما رزقنا ربنا من العلم، وليكون ثباتًا لقلوبنا وتثبيتًا لنا في المواقف وفي الشدائد، نسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يرزقنا الإخلاص، نسأل الله أن يرزقنا حسن النية، ونعوذ بالله من علم لا ينفع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[مقتطف من دروس تطهير الاعتقاد الدرس الثامن لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]