جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 12 فبراير 2024

(44)الآداب

 

                     

                        الاقتصاد وعدم التبذير

 

قال تَعَالَى: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)﴾ [الإسراء].

في هذا الدليل بيان أن هناك إخوانًا للشياطين، وهم المبذرون. فالشياطين لهم إخوان من الإنس، ومن هؤلاء المبذرون.

فالواجب الحذر من الإسراف، في كل ما يصدق عليه تبذير، ومنه تكثير الأطعمة ثم الرمي بها، عدم المبالاة في الطبخ، أو في الطلب من المطعم ثم يُرمى به، لا بد من الحرص أن يكون على قدر الحاجة، وإن زاد يُعطي الجيران أو المحتاجين، وإن لم يجد يحرص على أن  يعطيه للحيوانات القطط والكلاب إن وُجدت، يحرص ألَّا يرمي به في القمامة، ويتقي الله ويحتسب الأجر من الله تَعَالَى.

 وهذا يكون بالتعود ومحبة الخير والحرص على التزود من الحسنات؛ لأنك إذا اقتصدت واحتسبت الأجر من الله  تكونين مأجورة مثابة، فاحذري من التبذير فهي من أسباب زوال النعم. قال الشاعر:

إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا ... فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ

وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ الْعِبَادِ ... فَرَبُّ الْعِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ

والتبذير من المعاصي.

 وكذلك التبذير في الألبسة، في الماء أيضًا.

وهذا من أعظم المخاطر فقد يحصل فيه تبذير بدون شعور.

 فإذا احتسبنا وأخذنا الشيء بمقداره، إذا أخذنا  نأخذ بمقدار للأسرة بالمقدار الذي يكفيهم، هذا من الاقتصاد المأمور به شرعًا، وحتى أيضًا فيه توفير في المعيشة، ففيه مصلحة تعود إلى أهل البيت وخاصة رب الأسرة،  يقول مَيْمُون بْن مِهْرَانَ: التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَحَسْنُ الْمَسْأَلَةِ نِصْفُ الْعِلْمِ، وَاقْتِصَادُكَ فِي مَعِيشَتِكَ يُلْقِي عَنْكَ نِصْفَ الْمَؤُونَةِ. أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (291) بتحقيقي.

« نِصْفَ الْمَؤُونَةِ » أي: يكفيك نصف الكلفة والتعب.

 العلم يهذب، العلم يحثنا على الكرم وينهانا عن البخل، البخل من الصفات المذمومة، والتبذير من الصفات المذمومة، والكرم من الأخلاق المحمودة.

 

[مقتطف من دروس تطهير الاعتقاد الدرس التاسع لابنة الشيخ رَحِمَهُ الله]