جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 18 أكتوبر 2023

(1) اختصار درس «الصحيح المسند من الشمائل المحمدية»

 

الشمائل قال المناوي في «الشمائل الشريفة»(21): وَهِي الشَّمَائِل الشَّرِيفَة جمع شمئِل بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الطَّبْع، وَالْمرَاد صورته الظَّاهِرَة والباطنة، وَهِي نَفسه وأوصافها ومعانيها الْخَاصَّة بهَا. اهـ.

الخَلْقِيَّةُ: الصورة الظاهرة كجمال الظاهر، ووصف وجهه صلى الله عليه وسلم ويديه، وقامته، وعرضه، وشعره إلى آخره.

وأما الصورة الباطنة، وهي: الخُلُقِيَّةُ، فهي أخلاقه الكريمة الباطنة، كالحياء، والكرم، واللِّين، والرحمة، والصدق، والوفاء، إلى غير ذلك.

ومن فوائد دراسة شمائله صلى الله عليه وسلم:

·                أنه فيه تقوية للإيمان وزيادة اليقين.

·                زيادة محبة النّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتعظيمه إذا رأى أوصافه الكريمة.

·                معرفة طريقة رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهديه في العبادة.

·                عون على التأسي والاقتداء به صلى الله عليه وسلم، فلا يميل به هَوًى، ولا تتخطفه الفتن المضلات، ولا الشهوات والشبهات؛ لأنه يعرف ما كان موافقًا لهدي النّبِيّ صلى الله عليه وسلم وما كان مخالفًا له.

·                عون على فهم كتاب الله عَزَّ وَجَل؛ لأن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن.

·                أنه باب عظيم من أبواب السعادة؛ لأنه يدرس أوصاف رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التي يزداد بها إيمانًا، والتي توصله إلى معالي الأخلاق والآداب والجنة.

وقد عُنِيَ أهل العلم بالكتابة في هذا الموضوع، فمنهم من أفرده بالتأليف: ومن أشهرها: كتاب الترمذي «الشمائل المحمدية».

ومنهم من ذكره ضمن كتابه: كالبخاري، ومسلم، وكل كتاب في السيرة لا يخلو من الاهتمام بهذا الشأن، و«زاد المعاد» لابن القيم فيه خير كثير وهو أعم؛ لأنه يشمل: السيرة، والشمائل، وفيه رقائق، ومسائل في الطب النبوي وغير ذلك.

وكتابنا هذا بفضل الله عَزَّ وَجَل مشارك بدلوه، في نشر شمائل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتُهُ) الاسم: ما ليس بكنية ولا لقب.

تعريف الكنية: الكنية ما ليس باسم ولا لقب.

اللقب: ما أشعر برفعة المسمى، أو ضعته.

وأسماء النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أعلام وأوصاف، بخلاف الأسماء الأُخرى فهي لمجرد التعريف.

وقد ورد في القرآن إثبات اسمين من أسماء النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: محمد وأحمد.

الفرق بين محمد وأحمد من حيث المعنى: محمد أي: أنه محمود حمدًا بعد حمد. وأحمد معناه: أحمد الحامين لربه.

اسم محمد جاء في القرآن في أربعة مواضع:

 -قوله تَعَالَى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران:144].

-وقوله تَعَالَى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)﴾[الأحزاب: 40].

قال الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ في «تفسيره»(6/381): هذه الْآيَةُ نَصٌّ فِي أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَإِذَا كَانَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ فَلَا رَسُولَ بعده بالطريق الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى؛ لِأَنَّ مَقَامَ الرِّسَالَةِ أَخَصُّ مِنْ مَقَامِ النُّبُوَّةِ، فَإِنَّ كُلَّ رَسُولٍ نَبِيٌّ وَلَا يَنْعَكِسُ، وَبِذَلِكَ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.

﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا(40)﴾ قال الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ في «تفسيره»(6/381): كقوله عز وجل: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [الْأَنْعَامِ: 124]. اهـ.

فأثبت الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أنه عليم بكل شيء، وهو يعلم سُبحَانَهُ من يليق أن يكون نبيًّا، ومن يُختم به الرسالة.

من فوائد هذه الآية:

J نفي أن يكون النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أبًا لأحد من الرجال، ولا ينفي أن له صلى الله عليه وسلم أولادًا وهم: القاسم وعبد الله وإبراهيم؛ لأنهم ماتوا وهم صغار، ولا ينفي أيضًا انتساب الحسنين إليه؛ لأنهما كانا صغيرين، والرجال اسم للبالغين.

J هذه الآية فيها شبهة لبعض أهل الأهواء أن نسل النّبِيّ صلى الله عليه وسلم انقطع، وهذا الفهم سقيم؛ فإن الحسن والحسين ينتسبان إلى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وهذا خاص به صلى الله عليه وسلم، ويقول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَنقَطِعُ يَومَ القِيَامَةِ إِلَّا سَبَبَي وَنَسَبِي» والحديث له طرق، ونُقِلَ على هذا الإجماع أن نسل النّبِيّ صلى الله عليه وسلم باقٍ من ذرية ابنته فاطمة.

J هذه الآية لا تنفي أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أبٌ لنا في التبجيل والاحترام والتعظيم، ووجوب الشفقة عليه صلى الله عليه وسلم لأمته، كما قال النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ، أُعَلِّمُكُمْ» رواه أبو داود في «سننه» (8) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

J وفيه أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وأما نزول نبي الله عيسى في آخر الزمان فلا يدل على أنه ينبَّأ عليه الصلاة والسلام إذا نزل.

وفيه إثبات خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم وتشريف له أنه خاتم النبيين.

-وقوله تَعَالَى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ[الفتح: 29].

﴿ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ وهم أصحابه صلى الله عليه وسلم.

﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ أي: غلاظ على الكفار.

﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ أي: متوادين فيما بينهم.

-وقوله تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)[محمد: 1-2].

﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ أي: أبطل أعمالهم.

﴿ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ أي: الكتاب الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم.

﴿ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾ أي: غفر لهم ذنوبهم.

﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ أي: شأنهم.

وأما أحمد فقد جاء في موضع واحد في القرآن: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) ﴾[الصف: 6].

إسرائيل هو: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.

﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ يعني: فلماذا تنكرون ما جئت به إليكم وأنا مصدق للتوراة ومبشر برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد؟!

﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ فيه قولان: أنه فلما جاءهم بالبينات أي: عيسى.

والقول الثاني: محمد صلى الله عليه وسلم.

قال الشوكاني في «فتح القدير»(5/263): وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

البينات: وهي المعجزات

من فوائد هذه الآية الكريمة:

J أن عيسى مرسل إلى بني إسرائيل.

J أن الكتب السابقة جاءت بالبشارات ببعثة النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ورسالته.

وهل هناك أسماء للنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن غير هذَيْنِ الاسمين؟

نقل الاتفاق الحافظ ابن حجر عقب رقم (3532): أنه وقع من أسمائه في القرآن: الشاهد، المبشر، والنذير، المبين، الداعي إلى الله، السراج المنير.

تنبيه: قال ابن القيم في «تحفة المودود» (127): وَأما ما يذكرهُ الْعَوام أَن يس وطه من أَسمَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَغير صَحِيح، لَيْسَ ذَلِك فِي حَدِيث صَحِيح وَلَا حسن وَلَا مُرْسل، وَلَا أثر عَن صَاحب.