ثبِّت عرشك ثم انقش
كانَ يُفيدُنا والدي رَحِمَهُ الله جوازَ إقامة أكثر من جماعة في مسجدٍ واحد، في حق من جاء وقد انتهت صلاةُ الجماعة.
لما في «سنن أبي داود» (574) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم أَبْصَرَ رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ، فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ.
وناقشَ الوالدَ أحدُ الطلاب بحديث أَبِي مُطِيعٍ- وهو مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى-، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ مِنْ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا، فَمَالَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَجَمَعَ أَهْلَهَ، فَصَلَّى بِهِمْ. أخرجه الطبراني في المعجم الأوسَط (4601).
فسمعت والدي يقول: ثبِّتْ عرشَكَ ثم انْقُش.
فقال الطالب: أنت تضعفه؟
قلت: وقد ذكر ابنُ رجب في «فتح الباري» (6/ 8): أنَّ هذا الحديث احتجَّ به من يمنع ثم قال عقِبَه: ومعاوية بْن يَحْيَى، لا يحتج بِهِ.
قال: وذهب أكثر العلماء إلى جواز إعادة الجماعة فِي المساجد فِي الجملة كما فعله أَنَس بْن مَالِك، منهم: عَطَاء وقتادة ومكحول، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاق وأبي يوسف ومحمد وداود.
وهذا قولُ الشيخ ابنِ عثيمين رَحِمَهُ الله في «الشرحِ الممتع» (4/ 162) قال عن حديث أبي سعيد الخدري: وهذا نَصٌّ صريحٌ في إعادةِ الجماعةِ بعدَ الجماعةِ الراتبةِ، حيث نَدَبَ النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام مَن يصلّي مع هذا الرَّجُلِ.