جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 25 أغسطس 2023

(19)اختصار درس التفسير

 [سورة المؤمنون (23) : الآيات 105 إلى 107]

﴿ أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ قال ابن كثير:  أَيْ قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمُ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلْتُ عليكم الْكُتُبَ، وَأَزَلْتُ شُبَهَكُمْ، وَلَمْ يَبْقَ لَكُمْ حُجَّةٌ، كما قال تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء].

﴿رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ﴾ قال ابن كثير: أَيْ قَدْ قَامَتْ عَلَيْنَا الْحُجَّةُ، وَلَكِنْ كُنَّا أَشْقَى مِنْ أَنْ نَنْقَادَ لَهَا وَنَتَّبِعَهَا، فَضَلَلْنَا عَنْهَا وَلَمْ نُرْزَقْهَا.

﴿رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها﴾ قال ابن كثير: أي ارددنا إلى الدُّنْيَا.

﴿فَإِنْ عُدْنَا ﴾ قال ابن كثير: إِلَى مَا سَلَفَ مِنَّا فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة.

من الفوائد:

-توبيخ الله  للكفار بأنهم قد جاءتهم النذارة ، وبلغتهم الحجة، فلم ينتفعوا بها.

-وفيه حسرة الكفار، واعترافهم بذنوبهم حيث لا ينفعهم ذلك.

-وفيه طلب الكفار الرجوع إلى الدنيا وهم في النار، وكما قال تعالى: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)﴾، وهذا ديدنهم وشأنهم الحسرة والندامة من وقت الاحتضار وهم يسألون الرجعة ، ويتحسرون حيث لا ينفعهم ذلك .

- وعد الكفار في قولهم: ﴿فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ﴾، أي: أنهم لا يعودون لما كانوا عليه من قبلُ، ولكنهم كاذبون فيه، قال تَعَالَى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) ﴾[الأنعام].

-وفيه اعتراف الكفار بأنهم قد جاءتهم النذارة، وبلغتهم الحجة.

________________

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 108 إلى 111]

﴿قالَ اخْسَؤُا فِيها﴾ قال ابن كثير: هَذَا جَوَابٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْكُفَّارِ إِذَا سَأَلُوا الْخُرُوجَ مِنَ النَّارِ وَالرَّجْعَةَ إِلَى هَذِهِ الدَّارِ. يَقُولُ ﴿اخْسَؤُا فِيها﴾ أَيِ: امْكُثُوا فِيهَا صَاغِرِينَ مُهَانِينَ أَذِلَّاءَ.

﴿وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ قال ابن كثير: أَيْ لَا تَعُودُوا إِلَى سُؤَالِكُمْ هَذَا فَإِنَّهُ لَا جَوَابَ لَكُمْ عِنْدِي.

﴿ إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ قال ابن كثير: أَيْ فَسَخِرْتُمْ مِنْهُمْ فِي دُعَائِهِمْ إِيَّايَ وَتَضَرُّعِهِمْ إِلَيَّ.

﴿حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي﴾ قال ابن كثير: أَيْ حَمَلَكُمْ بُغْضُهُمْ عَلَى أَنْ نَسِيتُمْ مُعَامَلَتِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ أَيْ مِنْ صَنِيعِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ﴾ [المطففين] أي يلمزونهم استهزاء.

 ﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا ﴾ قال ابن كثير: ثم أخبر تعالى عَمَّا جَازَى بِهِ أَوْلِيَاءَهُ وَعِبَادَهُ الصَّالِحِينَ، فَقَالَ تعالى:﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا ﴾ أَيْ عَلَى أذاكم لهم واستهزائكم بهم أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ بالسعادة والسلامة والجنة والنجاة من النار.

من الفوائد:

-خلود أهل النار في النار، أعاذنا الله منها، وكما قال تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾[البقرة].

-وفيه قطع رجاء الكفار أن يخفف عنهم العذاب، أو تنالهم رحمة الله، فليس لهم منها مخرج.

-وفيه أن الذي أوصلهم إلى هذا النكال والعذاب أعمالهم، وعدم إيمانهم وتضرعهم إلى ربهم.

-أن انشغالهم بالاستهزاء بالمؤمنين أنساهم ذكر الله، فهذا من صفات الكفار: السخرية بالمؤمنين.

فعلى المسلم أن يثبتَ على دينِهِ، ولا يبالي بالساخرين المستهزئين.

-وفيه فضل الصبر على أذى الكفار، وأنه من أسباب الفوز، نسأل الله أن يجعلنا من الفائزين.